أبو علي الجبائي إنه يجب دوامه وقال أبو هاشم لا يجب واختاره المصنف ـ رحمهالله ـ ـ والدليل عليه أن العوض إنما حسن لاشتماله على النفع الزائد على الألم أضعافا يختار معه المولم ألمه ومثل هذا يتحقق في المنقطع فكان وجه الحسن فيه ثابتا فلا تجب إدامته.
وقد احتج أبو علي بوجهين أشار المصنف إلى الجواب عنهما : الأول أنه لو كان العوض منقطعا لوجب إيصاله في الدنيا لأن تأخير الواجب بعد وجوبه وانتفاء الموانع منع للواجب وإنما قلنا بانتفاء الموانع لأن المانع هو الدوام مع انقطاع الحياة المانع من دوامه.(والجواب) لا نسلم أن المانع من تقدمه في الدنيا إنما هو انقطاع الحياة لجواز أن يكون في تأخيره مصلحة خفية.
الثاني لو كان العوض منقطعا لزم دوامه والتالي لا يجامع المقدم بيان الملازمة أنه بانقطاعه يتألم صاحب العوض والألم يستلزم العوض فيلزم من انقطاعه دوامه.
والجواب من وجهين : الأول يجوز انقطاعه من غير أن يشعر صاحبه بانقطاعه إما لإيصاله إليه على التدريج في الأوقات بحيث لا يشعر بانتفائه لكثرة غيره من منافعه ، أو بأن يجعله ساهيا ثم يقطعه فلا يتألم حينئذ. الثاني أنه غير محل النزاع لأن البحث في العوض المستحق على الألم هل يجب إدامته وليس البحث في استلزام الألم الحاصل بالانقطاع لعوض آخر وهكذا دائما.
قال : ولا يجب إشعار صاحبه بإيصاله عوضا.
أقول : هذا حكم آخر للعوض يفارق به الثواب وهو أنه لا يجب إشعار مستحقه بتوفيقه عوضا له بخلاف الثواب إذ يجب في الثواب مقارنة التعظيم ولا فائدة فيه إلا مع العلم به أما هنا فلأنه منافع وملاذ وقد ينتفع ويلتذ من لا يعلم ذلك فما يجب إيصاله إلى المثاب في الآخرة من الأعواض يجب أن يكون عالما به من حيث إنه مثاب لا من حيث إنه معوض وحينئذ أمكن أن يوفيه الله تعالى في الدنيا على بعض المعوضين غير المكلفين وأن ينتصف لبعضهم من بعض في الدنيا فلا تجب إعادتهم في الآخرة.