حيث لم يفوض الأمر إلى اختيار الناس وخالف أبا بكر حيث لم ينص على إمام بعده ثم إنه طعن في كل واحد ممن اختاره للشورى وأظهر كراهية أن يتقلد أمر المسلمين ميتا كما تقلده حيا ثم تقلده وجعل الإمامة في ستة نفر ثم ناقض نفسه فجعلها في أربعة بعد الستة ثم في ثلاثة ثم في واحد فجعل إلى عبد الرحمن بن عوف الاختيار بعد أن وصفه بالضعف ثم قال :» إن اجتمع علي وعثمان فالأمر كما قالاه وإن صاروا ثلاثة ثلاثة فالقول للذين فيهم عبد الرحمن«لعلمه بعدم الاجتماع من علي وعثمان وعلمه بأن عبد الرحمن لا يعدل بها عن أخيه عثمان ابن عمه ثم أمر بضرب أعناقهم إن تأخروا عن البيعة ثلاثة أيام وأمر بقتل من خالف الأربعة منهم أو الذين فيهم عبد الرحمن وكيف يسوغ له قتل علي عليهالسلام وعثمان وغيرهما وهما من أكابر المسلمين.
قال : وخرق كتاب فاطمة عليهاالسلام.
أقول : هذا طعن آخر وهو أن فاطمة عليهاالسلام لما طالت المنازعة بينها وبين أبي بكر رد أبو بكر عليها فدكا وكتب لها بذلك كتابا فخرجت والكتاب في يدها فلقيها عمر فسألها عن شأنها فقصت قصتها فأخذ منها الكتاب وخرقه فدعت عليه ودخل على أبي بكر وعاتبه على ذلك فاتفقا على منعها عن فدك.
قال : وولى عثمان من ظهر فسقه حتى أحدثوا في أمر المسلمين ما أحدثوا.
أقول : هذا طعن على عثمان وهو أنه ولى أمور المسلمين من ظهر منه الفسق والخيانة وقسم الولايات بين أقاربه وقد كان عمر حذره وقال له إذا وليت هذا الأمر فلا تسلط آل أبي معيط على رقاب المسلمين وصدق عمر فيه في قوله إنه كلف بأقاربه واستعمل الوليد بن عقبة حتى ظهر منه شرب الخمر وصلى بالناس وهو سكران. واستعمل سعيد بن العاص على الكوفة فظهر منه ما أخرجه به أهل الكوفة عنها. وولى عبد الله بن أبي سرح مصر حتى تظلم منه أهلها وكاتب ابن أبي سرح أن يستمر على ولايته سرا بخلاف ما كتب إليه جهرا وأمره بقتل محمد بن أبي بكر وولى معاوية الشام فأحدث من الفتن ما أحدث