كل طير عن الآخر وجمع أجزاء كل طير وفرقها عن أجزاء الآخر حتى كملت البنية التي كانت عليها أولا ثم أحياها الله تعالى ولم يعدم تلك الأجزاء فكذا في المكلف هذا ما فهمناه من قوله كما في قصة إبراهيم عليهالسلام فهذا هو كيفية الإعدام.
قال : وإثبات الفناء غير معقول لأنه إن قام بذاته لم يكن ضدا وكذا إن قام بالجوهر.
أقول : لما ذكر المذهب الحق في كيفية الإعدام شرع في إبطال مذهب المخالفين في ذلك واعلم أن من جملة من خالف في كيفية الإعدام جماعة من المعتزلة ذهبوا إلى أن الإعدام ليس هو التفريق بل الخروج عن الوجود بأن يخلق الله تعالى للجواهر ضدا هو الفناء وقد اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال : أحدها قال ابن الإخشيد إن الفناء ليس بمتحيز ولا قائم بالمتحيز إلا أنه يكون حاصلا في جهة معينة فإذا أحدثه الله تعالى فيها عدمت الجواهر بأسرها. الثاني قال ابن شبيب إن الله يحدث في كل جوهر فناء ثم ذلك الفناء يقتضي عدم الجوهر في الزمان الثاني فيجعله قائما بالمحل. الثالث قال أبو علي وأبو هاشم ومن تابعهما إن الفناء يحدث لا في محل فيفني الجواهر كلها حال حدوثه ثم اختلفوا فذهب أبو هاشم وقاضي القضاة إلى أن الفناء الواحد كاف في عدم كل الجواهر وذهب أبو علي وأصحابه إلى أن لكل جوهر فناء مضادا له لا يكفي ذلك الفناء في عدم غيره فإذا عرفت هذا فنقول القول بالفناء على كل تقدير فرضوه باطل لأن الفناء إن قام بذاته كان جوهرا إذ معنى الجوهر ذلك فلا يكون ضدا للجوهر وإن كان غير قائم بذاته كان عرضا إذ هو معناه فيكون حالا في الجوهر إما ابتداء أو بواسطة وعلى كلا التقديرين فيستحيل أن يكون منافيا للجواهر.
قال : ولانتفاء الأولوية.
أقول : يفهم من هذا الكلام أمران : أحدهما إقامة دليل ثان على امتناع قيام الفناء بالجوهر وتقريره أن نقول لو كان الفناء قائما بالجوهر لكان عرضا حالا فيه ولم يكن اقتضاؤه لنفي محله أولى من اقتضاء محله لنفيه بل كان انتفاء هذا الحال بالمحل أولى إذ منع