قال : فلا تصح من البعض ولا يتم القياس على الواجب.
أقول : اختلف شيوخ المعتزلة فذهب أبو هاشم إلى أن التوبة لا تصح من قبيح دون قبيح وذهب أبو علي إلى جواز ذلك والمصنف ـ رحمهالله ـ استدل على مذهب أبي هاشم بأنا قد بينا أنه يجب أن يندم على القبيح لقبحه ولو لا ذلك لم تكن مقبولة على ما تقدم والقبح حاصل في الجميع فلو تاب من قبيح دون قبيح كشف ذلك عن كونه تائبا عنه لا لقبحه (واحتج) أبو علي بأنه لو لم تصح التوبة عن قبيح دون قبيح لم يصح الإتيان بواجب دون واجب والتالي باطل فالمقدم مثله بيان الشرطية أنه كما يجب عليه ترك القبيح لقبحه كذا يجب عليه فعل الواجب لوجوبه فلو لزم من اشتراك القبائح في القبح عدم صحة التوبة من بعض القبائح دون بعض لزم من اشتراك الواجبات في الوجوب عدم صحة الإتيان بواجب دون آخر. وأما بطلان التالي فبالإجماع إذ لا خلاف في صحة صلاة من أخل بالصوم. وأجاب أبو هاشم بالفرق بين ترك القبيح لقبحه وفعل الواجب لوجوبه بالتعميم في الأول دون الثاني فإن من قال لا آكل الرمانة لحموضتها فإنه لا يقدم على أكل كل حامض لاتحاد الجهة في المنع ولو أكل الرمانة لحموضتها لم يلزم أن يتناول كل رمانة حامضة فافترقا وإليه أشار المصنف ـ رحمهالله ـ بقوله ولا يتم القياس على الواجب أي لا يتم قياس ترك القبيح لقبحه على فعل الواجب لوجوبه.
قال : ولو اعتقد فيه الحسن صحت.
أقول : قد تصح التوبة من قبيح دون قبيح إذا اعتقد التائب في بعض القبائح أنها حسنة وتاب عما يعتقده قبيحا فإنه يقبل توبته لحصول الشرط فيه وهو ندمه على القبيح لقبحه ولهذا إذا تاب الخارجي عن الزنا فإنه يقبل توبته وإن كان اعتقاده قبيحا لأنه لا يعتقده كذلك فيصدق في حقه أنه تاب عن القبيح لقبحه.
قال : وكذا المستحقر.
أقول : إذا كان هناك فعلان : أحدهما عظيم القبح والآخر صغيره وهو مستحقر