هو كثير بواحد ، فليس كلّ موجود بواحد ، فإذن الوحدة مغايرة للوجود.
لأنّا نقول : إن أردت بالحيثية المذكورة ما تميّز ذاتي الشيء عن غيره ، فالصغرى ممنوعة.
وإن أردت أن الشيء الكثير ، بما هو شيء كثير موجود في الواقع ، سلّمناها ، لكن الكبرى ممنوعة ؛ إذ الكثير بما هو كثير كما هو موجود ، فكذلك هو واحد بوجه ما ، وإن لم يكن واحدا وحدة تقابل كثرته ، فإنّ كلّ موجود ما له وحدة ما ، والكثير المقابل له غير موجود.
فموضوع الكثرة كالرجال العشرة من حيث كونهم عشرة ، ليس لهم وجود غير وجودات الآحاد ، إلّا بمجرد اعتبار العقل ، وكما أن للعقل أن يعتبرها موجودة ، فله أن يعتبرها واحدة.
أصل
الوحدة ليست بعدد ، بل هي مبدأ له ، وهو لا يتقوّم إلّا بها ، إذ لو تقوّم بغيرها ممّا دونه من الأعداد لزم الترجيح من غير مرجّح ، فإنّ تقوّم العشرة ـ مثلا ـ بخمسة وخمسة ، ليس بأولى من تقوّمها بستّة وأربعة ، ولا من تقوّمها بسبعة وثلاثة ، وتقوّمها بالجميع يستلزم تكرار أجزاء الماهية المستلزم لاستغناء الشيء عما هو ذاتي له ؛ لأنّ كلّ واحد منها كاف في تقويمها ، فتستغني به عما عداه ، ولو تقوّمت بالقدر المشترك بينها من دون اعتبار الخصوصيات ، فهو المطلق ؛ إذ القدر المشترك هو الوحدات لا غير.