والتخالف بحسب القوّة والضعف ، والكمال والنقص ، لا غير (١).
وصل
قال : ومن اللطائف أنّ العدد مع غاية تباينه عن الوحدة ، وكون كلّ مرتبة منه حقيقة برأسها ، موصوفة بخواصّ ولوازم لا توجدان في غيرها ، إذا فتشت حاله وحال مراتبه المختلفة لم تجد فيها غير الوحدة ، وإنك لا تزال تثبت في كلّ مرتبة من المراتب عين ما تنفيه ، فنقول: الواحد ليس بعدد ، والعدد ليس بواحد ، لأنه يقابله ، مع أنّه عين الواحد الّذي يتكرّر ، والواحد عين العدد الّذي يحصل بتكرره ، فلك أن تقول لكلّ مرتبة : إنها مجموع الآحاد ، وأن تقول : إنها ليست مجموع الآحاد ؛ لاتصافها بخواصّ ولوازم لا توجدان في غيرها ، ومجموع الآحاد جنس لكلّ مرتبة ، وكل مرتبة نوع برأسها ، فلا بدّ لها من أمر آخر غير جميع الآحاد ، وليس فيها شيء غير جميع الآحاد ، فلا تزال تثبت عين ما تنفي ، وتنفي عين ما تثبت ، وهذا أمر عجيب هو بعينه ، كما يقال : إن الحق المنزّه عن نقائص الحدثان ، بل عن كمالات الأكوان ، هو الخلق المشبّه ، وإن كان قد تميّز الخلق بإمكانه ونقصه عن الحق بوجوبه وشرفه (٢).
__________________
(١) ـ أنظر : الأسفار الأربعة : ٢ : ٩٩ و ١٠٠ ، في ذيل الفصل «٤» في بعض أحكام الوحدة والكثرة.
(٢) ـ أنظر : الأسفار الأربعة : ٢ : ٨٨ ، تحت عنوان : تلويح.