فصل
ومن أحوال الوحدة الهو هو ، كما أن من أحكام الكثرة الغيرية.
والهو هو عبارة عن الاتحاد بين شيئين متغايرين في المفهوم في أحد الوجودين ، سواء كانا موجودين بالذات ، كقولنا : زيد إنسان ، أو بالعرض ، كقولنا : الكاتب متحرّك ، فإنهما إنّما يوجدان بوجود الإنسان.
أو أحدهما بالذات والآخر بالعرض ، كقولنا : الإنسان كاتب ، فجهة الاتحاد قد تكون في الطرفين ، وقد تكون في أحدهما ، خارجة عنهما.
أصل
لا يجوز اتحاد الاثنين من غير تغاير ، بمعنى صيرورة الذاتيين ذاتا واحدة ؛ لأنهما بعد الاتحاد إن كانا موجودين كانا اثنين ، لا واحدا ، وإن كان أحدهما فقط موجودا ، فقد فني أحدهما ، وبقي الآخر ، وإن لم يكن شيء منهما موجودا فقد فنيا وحدث أمر ثالث ، وعلى التقادير فلا اتحاد ، كما هو المفروض.
وأمّا ما قيل : من اتحاد النفس حين استكمالها بالعقل ، فالمراد به حالة روحانية تليق بالمعقولات ، لا أن هناك امتزاجا أو بطلانا لإحدى الهويتين ، بل على نحو آخر سيأتي ذكره في محله.
وقريب من ذلك اتحاد العقل بالمعقول ، كما مضى.