وعلى تقدير عدم الانتهاء لا بدّ لمجموع هذه السلسلة من حامل وموضوع ، وهو المطلوب. فثبت الجوهر.
وصل
وكما أن سلسلة الوجود في جانب العلوّ والرفعة والجلالة تنتهي إلى مبدأ يحيط بجميع المراتب والعوالم ، حتّى لا يغيب عن وجوده شيء من الأشياء ، ولا يعزب عن نور وجهه ذرّة في الأرض ولا في السماء ، وإلّا يلزم التسلسل ، ومفاسد أخر ، كما يأتي بيانه ، فكذلك لا بدّ أن ينتهي في جهة القصور والنقص إلى حيث لا حضور لذاته في ذاته ، بل تغيب ذاته عن ذاته ، فضلا عن غيره ، وهو الوجود الّذي له امتداد وانبساط وتخصّص مكاني ، وتقيّد زماني ، وليس له من الجمعية والتحصّل قدر يمكن أن يجمع بعضه بعضا ، بل الكلّ غائب عن الكل ، وهو منبع الجهالة والظلمة ؛ وذلك لأنّ مثل هذا الشيء من مراتب الوجود فعدمه نقص وشرّ ، وعدم إيجاده ضيق وبخل على مبدعه ، تعالى عنه ، فيجب انتهاء نوبة الوجود إليه.
وأيضا فإنّ عدم هذا الجوهر الظلماني يستلزم وقوف الفيض على عدد متناه من الوجود ؛ لبطلان التسلسل في المترتبات ترتّبا علّيّا ومعلوليا ، فينسد بذلك باب الرحمة والإجادة عن إفادة النفوس الإنسانية وغيرها في سلسلة المعدّات والعائدات ، كما يأتي بيانه ، هذا خلف ، فثبت الجسم. كذا أفاده أستاذنا سلّمه الله (١).
__________________
(١) ـ أنظر : الأسفار الأربعة : ٥ : ٢ و ٣ ، المقدمة.