بالذات ، والمادّة لا تقتضي شيئا من ذلك ، ولا أيضا تأباه.
فمادّة الجسمين اللّذين أحدهما في المشرق ، والآخر في المغرب ، لها نحو وحدة ذاتية بجامع اثنينيتها ، وحصولها في الجهات المتخالفة ، والأحياز المتباعدة ، عبارة عن قبولها الأجسام المتعددة ، الموصوفة بالوقوع في تلك الجهات والأحيان بالذات ، فوحدتها الشخصية لا تنافي الكثرة الانفصالية ، بخلاف وحدة المتصل ؛ وذلك لأنّ وحدتها مفهوم سلبي من لوازم نفي الكثرة ، بل هي عين نفي الكثرة ، ووحدة المتّصل معنى وجوديّ ، نفي الكثرة إنّما هو من لوازمه.
وصل
وما يقال : من أن القوّة تبطل عند وجود ما ، هي قوّة عليه ، فلا تكون باقية عند وجود ذلك الشيء ، فصحيح إن أريد القوّة الخاصة لشيء خاص ، وأمّا القوّة المطلقة لحصول الأشياء الغير المتناهية فإنّما تبطل إذا حصل جميع تلك الأشياء ، وهو محال.
إذن يلزم انتهاء مقدورات الله تعالى ، وقد برهن على أن قدرته سبحانه غير متناهية.
والمادّة الأولى هي بالقوة كلّ شيء ، فبعض ما يحصل فيها يعوّقها عن بعض ، فيحتاج المعوّق عنه إلى زواله ، وبعض ما فيها لا يعوّق عن بعض آخر ، ولكنه يحتاج إلى ضميمة أخرى حتّى يتم الاستعداد ، وهذه القوّة هي قوّة بعيدة.
وأمّا القوّة القريبة فهي الّتي لا تحتاج إلى أن تقارنها قوّة فاعلية قبل القوّة