بسم الله الرحمن الرحيم
وبه الاعتصام يا كريم
سبحان من حارت لطائف الأوهام في بيداء كبريائه وعظمته ، وسبحان من لم يجعل للخلق سبيلا إلى معرفته ، إلّا بالعجز عن معرفته. عجزت العقول عن إدراك كنه جماله ، وقصرت الألسن عن وصف ثنائه ، كما يليق بجلاله.
ضلّت فيه الصفات ، وتفسّخت دونه النعوت. دلّ على ذاته بذاته ، وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته ، ذلكم الله ربّكم ، لا إله إلّا هو ، نحمده على حسن توفيقه ، وسأله هداية طريقه ، وإلهام الحقّ بتحقيقه ، وقلبا موقنا بتصديقه ، وعقلا نورانيا بعناية تسبيقه ، ونفسا مطمئنة من الجهل وتضييقه ، وفكرا ساميا عن زخرف الفاني وتزويقه ، وبصيرة تشاهد سير الوجود في تغريب الدور وتشريقه ، وقريحة منقادة بزمام الشرع وتوثيقه ، ووقتا مساعدا بجمع الكلام وتفريقه.
والصلاة على من أوتي جوامع الكلم ، وبه تمّ كمال مرتبة النبوّة ، وختم ، الّذي بعثه بالرسالة في الأميين ، يتلو عليهم آياته ويزّكيهم ، ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.