وعلى آله المطهّرين من الأدناس البشرية ، والأرجاس ، المحفوظين في سماء قدسهم ، وعصمتهم عن طعن أوهام أشباه الناس ولا ناس.
خزّان العلوم والحكم ، وهداة أمّته للّتي هي أقوم ، لا سيّما وصيّه الّذي نصبه بالنصّ الجلي ، قطب فلك الولاية ، ومركز دائرة الإمامة والخلافة ، منبع الفتوّة والكرم ، الّذي بولايته كمل الدين وتمّ ، وصلّى الله عليه وعليهم أجمعين وسلّم.
أمّا بعد :
فيقول الحقير في عيون العقلاء ، والفقير في فنون الفضلاء ، محمّد بن مرتضى ، الملقّب بمحسن ، أحسن الله عواقبه : هذه رموز ربّانية ، أوتيتها من فضل الله ، وكنوز عرفانية انتقدتها من نفائس خزائن أهل الله ، وأنوار ملكوتية ، اقتبستها من مشكاة المستضيئين بنور الله ، وأسرار جبروتيّة ، التمستها من هدي الراسخين في العلم من أولياء الله ، قد صرفت أياما من عمري في مدارستها ، متعمّقا في استكشاف حقائقها ، وقضيت أعواما من دهري في ممارستها ، ممعنا في استطلاع دقائقها ، بتمرينها مرّة بعد أخرى ، وتليينها كرّة غبّ أولى ، حتّى ازدادت لنفسي إشراقا ، واعتبارا ، وضياء ، واستبصارا ، فكشفت عنّي أكنّة أستارها ، وتبيّنت لي أعلامها ، ومنارها ، ببراهين نورانية ، أو إلهامات رحمانية ، أو إشارات فرقانية ، أو أمارات ذوقية وجدانية ، فاطمأنت نفسي إليها ، وسكن قلبي لديها ، وانشرح صدري لها ، كمن قد وجد ضالّة له ، عزيزة عليه ، بلى إنّ الحكمة ضالّة المؤمن ، والحكمة أعزّ على أهلها من الدنيا بما فيها ؛ لأنّهم بالحكمة عرفوها ، فاستقذروها ، واستنكفوا عنها ، وتركوها لأهلها وبنيها ، وشمّروا لما هو خير وأبقى ، تشميرا.