وصل
وهذه الصورة تسمى بالطبيعة ، ولا يخلو عنها شيء من الأجسام ، لكونها غير خالية عن أثر غير عام من الآثار ، وأقلّها حركة أو سكون ، وهي أمر سيّال الذات ، متجدّد الحقيقة ، لا تبقى زمانين ، ولا تستقر لحظتين ، كما رآه العلماء الراسخون بأعين الشهود والعيان ، ونطقت به الحكماء الإلهيون ، بتصريح وبيان ، وأقاويل اليونانيين منهم مشحونة به ، وإن لم يفهمه المتأخّرون ، ولم ينله إلّا الأقلّون ، وفي كلمات العرفاء إشارات إليه ، وفي الشرع أمارات ودلالات عليه ، ولكنّ أكثر الناس لا يفقهون.
وقد ألهم أستاذنا ـ أدام الله تأييده ـ لإثباته ببراهين وبيانات ما تيسّر لأحد قبله ، نشير إلى خلاصتها في فصول خالية عن فضول ، فاسمع :
أصل
لما كانت الحركة والسكون من آثار الطبيعة ، وقد تقرر أن كلّ ساكن فمن شأنه أن يتحرّك ، فالطبيعة إذن محرّكة دائما ، إمّا بالفعل ، أو بالقوة ، فهي إذن أمر سيّال الذات ، متجدّد الحقيقة ؛ إذ لو لم يكن سيالا لم يمكن صدور الحركة عنه ؛ لاستحالة صدور المتجدّد عن الثابت ، فإنّ الحركة لو كانت علّتها القريبة أمر ثابت الذات لم تنعدم أجزاؤها ، فلم تكن الحركة حركة ، بل سكونا ، ولا المتجدد تجددا ، بل قرارا.
سؤال : لم لا يجوز أن تكون في كلّ حركة سلسلتان ، إحداهما سلسلة