فالطبيعة وجود دنيوي ، بائد ، داثر ، لا قرار له ، والعقل وجود ثابت عند الله غير داثر ؛ لاستحالة أن يزول شيء من الأشياء أو يتغير في علمه تعالى وتقدّس ، (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) (١).
وصل
وإذ لا مناسبة بين الثابت المحض ، والمتجدّد المحض ، إلّا بتوسط ذي جهتين ، فلا يمكن تأثير العقل في الطبيعة المعينة إلّا بتوسط أمر كذلك ، وهو النفس ؛ لأنّ ذاتها مجردة ، وفعلها مادي ، فالنفس واقعة بين العقل والطبيعة ، فذاتها عقل ، وفعلها طبيعة ، وهكذا ذات الطبيعة نفس ، وفعلها جسم. ثمّ ما يلحق الجسم بواسطة حركاتها الطبيعية.
ونسبة كلّ عال إلى سافله كنسبة الصورة الجسمية إلى المادّة ، وتلازمهما كتلازمهما بعينه على التفصيل السابق ، والله سبحانه وراء الكل ، وهو القاهر فوق عباده.
وصل
قال صاحب أثولوجيا : لما كان من شأن الجسم أن يتفرّق ويتقطّع فلا يجوز أن يكون هو علّة لوحدانية ذاته واتصالها ، فلو لم يكن له نفس تحفظ وحدانيته واتصاله لم يثبت على حال واحد.
__________________
(١) ـ سورة النحل ، الآية ٩٦.