وأفلاك وكواكب عظيمة جدا ، مع أنا نتصورها على الوجه الجزئي المانع من الاشتراك ، فهي إذن ليست في هذا العالم ، وليست أعراضا ؛ لقيامها لا في محلّ ، مع أنها ذوات أبعاد ومقادير ، فهي أجسام بسيطة صورية ليست لها مادّة ؛ وذلك لأنها غير مصحوبة بقوة واستعداد ، ولا قابلة لتغير وتبدل من اتصال وانفصال أو نحو ذلك ، حتّى يجري فيها برهان إثبات المادّة ، بل هي تبدع دفعة كما هي عليها ، وتفنى دفعة بالكلية كذلك ، فإذا أردنا قسمة جسم ـ مثلا ـ في الخيال إلى نصفين ، فلا سبيل لنا إلى ذلك إلّا بإبداع نصفين لا أن نقسم ذلك الجسم إليهما.
وكذلك إن أردنا تسويد الجسم الأبيض هنالك اخترعنا جسما أسود مثله ، وعلى هذا القياس ، فافهم واغتنم ، فإنّه من الأسرار ، وسيأتي لإثبات هذه النشأة والنشأة العقلية براهين وحجج أخرى أوضح ممّا ذكر ، إن شاء الله تعالى.
أصل
وأمّا العرض فإثباته بالقول الكلي ، أن يقال : لا شك في مشاهدتنا للأجسام أحوالا ، كالحركة والسكون ، والاجتماع والافتراق ، والاستحالات ، والتغيّرات ، وغيرها ، فتبدّل الحالة الأولى بالثانية لا يخلو إما يقتضي تجدد أمر ما ، أو لا يقتضي ، فإن اقتضى فقد حدث أمر لم يكن ، وذلك هو العرض الفرض.
وإن لم يقتض يلزم أن يكون هذا التجدد والتبدل والتعدد والتزيّل في العدم البحت والنفي الصرف ، وذلك محال.
ثم الأعراض أكثرها محسوس ، أو معقول ، مستغن عن البرهان ، بل المحسوس بما هو محسوس إن كان هذا الأمر الخارجي فليس إلّا الأعراض