وصل
ثم إن كانت الجهة العقلية قوية في الجسم ، بحيث يكثر ظهور آثار الحياة فيه ، بأن تكون له حركات إرادية مختلفة ، وإدراكات متفنّنة ، وتصرّفات في دقائق الأمور ، واستنباطات للعلوم الكلية ، أو الجزئية ، بالفكر والرويّة ، فنفسه نفس مجرّدة عن المادّة ؛ لأنّ لها أن تبقى بعد بوار جسمها بوجود مستقل ، وهي إمّا ناطقة ، أي ذات إدراكات كلية عقلية ، كالإنسان ، أو غير ناطقة ، كبعض الحيوانات الكاملة الأخر.
وإن لم تكن كذلك ، بل تكون ضعيفة لا يظهر منها أمثال ذلك ، سواء كانت ذات حسّ وحركة إرادية ، أو لم تكن ، فنفسه نفس جرمية ، لا بقاء لها بعد تفرّق جسمه ، وتبدده ، كالحيوانات الضعيفة الإدراك ، والنباتات ، والجمادات.
وتحقيق ذلك يأتي فيما بعد إن شاء الله.
أصل
وأمّا الجسم المثالي البرزخي فإثباته بالقول الكلي على ما استفدناه من الأستاذ ـ سلّمه الله ـ أن يقال : إنا نشاهد في قوّة خيالنا صورا مخترعة لنا ، ذوات مقادير وأبعاد ، وهي ليست منطبعة في جسم من أجسام هذا العالم ، كالفوق والتحت ، أو غير ذلك ؛ لأنا لا يمكننا أن نشير إليها إشارة حسية بأنها هنا أو هناك ، وكيف تكون في موضع من الدماغ والروح الّتي فيه ـ مع قلة مقداره وحجمه ـ جبال شاهقة ، وصحاري واسعة مع أشجارها وأنهارها ، وتلالها ووهادها ،