صلوات الله وسلامه عليهم ، في أصول الدين ، ممّا وصل إليّ بطريق معتبر ، مع شرح وتوضيح لبعضها ، ممّا ينال إليه فهمي ، ومبلغي من العلم ، وقسطي من المعرفة ، في كلّ باب ، وليتبيّن للناس أنّ أمثال هذه المعارف والأسرار واردة عن صاحب الشرع ، صلوات الله عليه وآله ، على وجه أعلى وأتمّ ، وأنّ حكماء أهل البيت وعلماءهم ، صلوات الله عليهم ، نطقوا بمخّ الحكمة تصريحا وتلويحا ، وأتوا بلباب العلم رمزا وكشفا ، على حسب تفاوت درجات المخاطبين ، وأنّهم عليهمالسلام صعدوا ذرى الحقائق بأقدام النبوّة والولاية ، ونوّروا طبقات أنوار أعلام الفتوى بالهداية ، بل سائر العلماء والحكماء ، من الأوّلين والآخرين ، إنّما استضاؤوا بأنوارهم ، واقتبسوا من روحانياتهم في عالم الأرواح ، فالكليم ألبس حلّة الاصطفاء ، لما عهدوا منه الوفاء ، وروح القدس في جنان الصاغورة ذاق من حدائقهم الباكورة ، وشيعتهم الفرقة الناجية ، والفئة الزاكية ، سيّما رئيسهم وسيّدهم ، سيّد الموحّدين ، وإمام المتّقين ، علي بن أبي طالب ، صلوات الله عليه ، فإنّه كان في عالم الأنوار معلّم جبرئيل الأمين ، وكان قد فقأ عين الفتنة بباطنها ، وظاهرها ، وكان لا يسئل عن شيء دون العرش إلّا أجاب فيه ، وفي كلامه شفاء من كلّ داء ، وهو دون كلام الخالق ، وفوق كلام المخلوق ، وقد نطق بالأسرار الإلهيّة مع فقدان الحملة ، ما لا يطيق حمله الفحول من العارفين ، فكيف لو وجدهم صلوات الله عليه؟
ومنها : إرادتي أن أجمع بين طريقة الحكماء الأوائل في المعارف والأسرار ، وبين ما ورد في الشرع المبين من العلوم والأنوار ، فيما وقع فيه الاشتراك ، ليتبيّن لطالب الحقّ أن لا منافاة بين ما أدركته عقول العلماء العقلاء ، ذوو المجاهدات والخلوات ، أولو التهيّؤ لواردات ما يأتيهم في قلوبهم عند صفائها من العالم العلوي ، وبين ما أعطته الشرائع والنبوّات ، ونطقت به ألسنة