روى في بصائر الدرجات بإسناده عن سعد ، عن الإمام الباقر عليهالسلام ، أنّه قال في حديث له أجراه ـ إلى أن قال ـ : «ومن يكتب الله له رضوانه الأكبر يجمع بينه وبين إبراهيم ومحمّد والمرسلين في دار الجلال ، قال : فقلت : وما دار الجلال؟ فقال : نحن الدار ، وذلك قول الله (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (١) ، فنحن العاقبة ، يا سعد ، وأمّا مودّتنا للمتّقين ، فقال الله تبارك وتعالى : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٢) ، فنحن جلال الله وكرامته الّتي أكرم الله تبارك وتعالى العباد بطاعتنا» (٣).
أقول : هذا الحديث من مكنون العلم ، وإنما ينكشف النقاب عنه حق الانكشاف في مباحث الإنسان بما هو إنسان ، من المقصد الآتي ، إن شاء الله.
وصل
لا مكان لشيء من النشآت إذا أخذ كلّ واحد منها بتمامها شيئا واحدا ، مسمّى باسم واحد ، كما يومي إليها إطلاق لفظة الدار عليها ، فإنّ الدار هي المكان ، والمكان لا مكان له ، كما هو ظاهر.
وأمّا إذا أخذت من حيث أبعاضها ، فالنشأة الحسّية لها أمكنة من هذه الحيثية ، كما هو معلوم ، وقد مرّ تحقيق معنى المكان فيها ، وأن مجموعها كيف
__________________
(١) ـ سورة القصص ، الآية ٨٣.
(٢) ـ سورة الرحمن ، الآية ٧٨.
(٣) ـ بصائر الدرجات : ٣١١ ، ح ١٢ باختلاف يسير.