تنشأ من الأخلاق الفاضلة ، والأعمال الصالحة ، بإبداع النفس الصور الملذّة ، من الحور والقصور والغلمان واللؤلؤ والمرجان ، في عالمها وصقعها.
وقد دريت أن للنفس اقتدارا على ذلك ، ولكنها ما دامت في هذه النشأة لا تترتب عليها آثارها ؛ لضعفها واشتغالها بالمحسوسات ، فإذا قويت وصفت وزالت الشواغل وانحصرت القوى كلها في قوّة واحدة ، وهي المتخيّلة ، وصارت عينها باصرة للنفس ، وقدرة فعّالة ، وانقلب العلم مشاهدة ، فلا يخطر بالبال شيء تميل إليه النفس إلّا ويوجد في الحال بإذن الله ، أي يوجد بحيث تراه رؤية عيان ، وتحسّ به إحساسا قويا ، لا أقوى منه.
وإليه الإشارة بقوله صلىاللهعليهوآله : «إنّ في الجنة سوقا يباع فيه الصور» (١) ، والسوق عبارة عن اللطف الإلهي الّذي هو منبع القدرة على اختراع الصور بحسب المشيئة ، ونيلها بالحس.
وفي الحديث القدسي : «يابن آدم ، خلقتك للبقاء وأنا حيّ لا أموت ، أطعني فيما أمرتك به ، وانته عمّا نهيتك عنه ، أجعلك مثلي ، حيّا لا تموت ، أنا الّذي أقول لشيء كن فيكون ، أطعني فيما أمرتك به أجعلك مثلي ، إذا قلت لشيء كن فيكون» (٢).
وفي حديث آخر ، قال صلىاللهعليهوآله : «فلا يقول أحد من أهل الجنة لشيء كن إلّا ويكون» (٣).
__________________
(١) ـ جامع الأخبار : ١٧٣ ، وفيه : «إن في الجنة سوقا ما فيها شرى ولا بيع إلّا الصور من الرجال والنساء ...».
(٢) ـ عدة الداعي ونجاح الساعي : ٢٩١ ، بمضمونه.
(٣) ـ ذكره في الفتوحات المكية : ٣ : ٢٩٥.