وهو آن واحد ، ثمّ ينتقل منه إلى غيره ، كما يريده الله ، وهذا سرّ غريب ، لا يكاد العقل يقبله.
سئل الصادق عليهالسلام عن الرجعة ، فقال : «تلك القدرة ، ولا تنكرها إلّا القدرية لا تنكرها تلك القدرة لا تنكرها إن رسول الله صلىاللهعليهوآله أتى بقباع من الجنّة ، عليه غدق يقال له سنّة ، فتناولها ، سنّة من كان قبلكم» (١) ، يعني الرجعة.
ومنها : أن عدد الأبدان في الآخرة كعدد النفوس غير متناهية ؛ إذ ليس بممتنع وجود الغير المتناهي فيه ؛ لعدم التضايق والتزاحم ، ونفي الموادّ الجسمانية والتداخل والمباينة والمسامتة هناك ؛ لأنها ليست في أمكنة وأبعاد ، واتّصال بعضها ببعض ، اتّصال عقلي ، وتلاق معنوي ، وكلّما كثرت الأرواح المفارقة عن الأبدان المتعارفة المؤتلفة واتّصل بعضها ببعض اتّصال معقول بمعقول ، كان التذاذ كلّ واحد منها بالأخرى أشدّ ، وكلّما لحق بهم من بعدهم زاد التذاذ من لحق بمصادفة الماضين ، وزادت لذّات الماضين بمصادفة اللاحقين ، كما قال سبحانه : (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢) ؛ لأنّ كلّ واحد منهم هوية وجودية نورية ، فيعقل ذاته ، ويعقل مثل ذاته مرّات كثيرة ، ولأنّ المتلاحقين إلى غير نهاية يكون تزايد قوّة كلّ واحد واحد ، ولذّاته في غابر الزمان إلى غير نهاية ، نوعا وكمّا وكيفا.
ومنها : أن الأجساد الدنيوية أجسام لحمية طبيعية ، مركّبة من أخلاط أربعة قابلة للتغيّرات والاستحالات ، معرضة للآفات ، والأجساد الأخروية
__________________
(١) ـ بحار الأنوار : ٥٣ : ٧٣ ، ح ٧١ ، عن منتخب البصائر.
(٢) ـ سورة آل عمران ، الآية ١٧٠.