ليست كذلك ، قال الله تعالى : (لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) (١) ، (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) (٢) ، (لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٣).
وفي الحديث : «جرد مرد مكحّلون» (٤) وهم أبناء ثلاث وثلاثين (٥).
ومنها : أن الموجودات الأخروية أقوى في الوجود ، وأشدّ تحصّلا في التجوهر من الحسّيات الدنياوية بكثير ، كما مرّ بيانه مرارا.
ومنها : أن الآخرة نشأة قريبة من الله ، يتكلم فيها الإنسان مع الله ، وينظر إلى الله بعين قلبه ، وينظر الله إليه ، وهذه بعيدة من الله ، دائرة ذاتها ، بائدة أهلها ، هالكة ذووها ، لا يكلّمهم الله ولا ينظر إليهم ، كما في الحديث القدسي : ما نظرت في الأجسام مذ خلقتها.
وأمّا مكالمة الأنبياء عليهمالسلام مع الله ، فهي من ظهور سلطان الآخرة على قلوبهم.
ومنها : أنّ الآخرة نشأة الوجود والنور والإدراك والحضور والحياة والظهور ، وكل ما فيها حيّ مدرك ، كما ورد في الحديث أن الأنواع من الفاكهة ليقلن لوليّ الله : يا ولي الله كلني قبل أن تأكل هذا قبلي ، وأنّ المؤمن إذا جلس
__________________
(١) ـ سورة فاطر ، الآية ٣٥.
(٢) ـ سورة الدخان ، الآية ٥٦.
(٣) ـ سورة يونس ، الآية ٦٢.
(٤) ـ مستدرك الوسائل : ٨ : ٤١٠ ، ح ١٠.
(٥) ـ هذه العبارة لم ترد من ضمن الرواية ، بل وردت في كلام الطبرسي بعد هذا الحديث. أنظر : الصراط المستقيم : ٣ : ١٤٢ ، الفصل الّذي ذكر فيه الروايات المختلقة.