بالحكمة (١). من أخلص لله أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه (٢). من علم وعمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم (٣). ما من عبد إلّا ولقلبه عينان ، وهما غيب يدرك بهما الغيب ، فإذا أراد الله بعبد خيرا فتح عيني قلبه ، فيرى ما هو غائب عن بصره(٤).
وفي كلام أمير المؤمنين ، وسيد الموحّدين ، عليه الصلاة والسلام : «إنّ من أحبّ عباد الله إليه عبدا أعانه الله على نفسه فاستشعر الحزن ، وتجلبب الخوف ، فزهر مصباح الهدى في قلبه ـ إلى أن قال : ـ قد خلع سرابيل الشهوات ، وتخلّى من الهموم إلّا همّا واحدا انفرد به ، فخرج من صفة العمى ومشاركة أهل الهوى ، وصار من مفاتيح أبواب الهدى ، ومغاليق أبواب الردى ، قد أبصر طريقه ، وسلك سبيله ، وعرف مناره ، وقطع غماره ، واستمسك من العرى بأوثقها ، ومن الحبال بأمتنها ، فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس» (٥).
وفي كلام آخر له عليهالسلام : «قد أحيا قلبه ، وأمات نفسه ، حتّى دقّ جليله ، ولطف غليظه ، وبرق له لامع كثير البرق ، فأبان له الطريق ، وسلك به السبيل ، وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة ، ودار الإقامة ، وتثبت رجلاه لطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة ، بما استعمل قلبه ، وأرضى ربّه» (٦).
__________________
(١) ـ لم نعثر على مصادرها.
(٢) ـ كنز العمّال : ٣ : ٢٤ ، ح ٥٢٧١.
(٣) ـ الدرّ المنثور : ١ : ٣٧٢.
(٤) ـ لم نعثر على مصدره.
(٥) ـ نهج البلاغة : ١١٨ ، خطبة رقم «٨٧».
(٦) ـ شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد المعتزلي : ١١ : ١٢٧.