أصلا ، ومن استصعب عليه أن يكون علمه تعالى مع وحدته علما بكل شيء فذلك لظنّه أنّه واحد وحدة عددية ، وقد سبق أن وحدته تعالى ليست كالآحاد ، فكذلك وحدة صفاته الكمالية.
وصل
بل كلّ ما يطلق عليه سبحانه وعلى غيره فإنّما يطلق عليهما بمعنيين مختلفين ، ليسا في درجة واحدة ، حتّى أن الوجود الّذي هو أعم الأشياء اشتراكا لا يشمله وغيره على نهج واحد ، بل كلّ ما سواه وجوداتها ظلال وأشباح محاكية لوجوده سبحانه.
وهكذا في سائر صفاته ، كالعلم ، والقدرة ، والإرادة ، والمحبة ، والرحمة ، والغضب ، والحياء ، وغيرها ، فكلّ ذلك لا يشبه فيه الخالق الخلق ، بل هو في حقّ الخلق يصحبه نقص وشين ، بخلافه في حقّ الخالق ، فإنّه مقدّس عن القصورات والنقائص ، وإنما يطلق في حقه تعالى باعتبار غاياتها الّتي هي الكمالات دون مبادئها الّتي هي النقائص ، وواضع اللغات إنّما وضع هذه الأسامي أولا للخلق ؛ لأنّه أسبق إلى العقول والأفهام ، وفهم معانيها في حقّه تعالى عسر جدا ، وبيانها أعسر منه ، بل كلّما قيل في تقريبها إلى الأفهام فهو تبعيد له من وجه ، ولعل إلى هذا المعنى أشار من قال : «من عرف الله كلّ لسانه» (١).
__________________
(١) ـ مشكاة الأنوار : ٣٠٦ عن أبي عبد الله عليهالسلام ، والكافي : ٨ : ١٢٨ ، ضمن الحديث ٩٨ ، وفيه «من خاف الله» بدل «من عرف الله».