لفاقة الخلق إليها ، وحجب واحدا منها وهو الاسم المكنون المخزون ، بهذه الأسماء الّتي ظهرت ، فالظاهر هو الله تعالى ، وسخّر سبحانه لكلّ اسم من هذه أربعة أركان ، فذلك اثنا عشر ركنا ، ثمّ خلق لكلّ ركن منها ثلاثين اسما ، فعلا منسوبا إليها ، فهو الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدّوس ، الخالق ، البارىء ، المصوّر ، الحيّ ، القيّوم ، لا تأخذه سنة ولا نوم ، العليم ، الخبير ، السميع ، البصير ، الحكيم ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، العليّ ، العظيم ، المقتدر ، القادر ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، البارىء ، المنشىء ، البديع ، الرفيع، الجليل ، الكريم ، الرازق ، المحيي ، المميت ، الباعث ، الوارث ، فهذه الأسماء وما كان من الأسماء الحسنى حتّى تتم ثلاثمائة وستّين اسما ، فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة ، وهذه الأسماء الثلاثة أركان ، وحجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة ، وذلك قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)(١)» (٢).
فصل
لما كان كلّ اسم من الأسماء له صورة في الحضرة العلمية ، فلا بدّ أن يكون للاسم الباطن وما يختصّ به من الأسماء الغيبية من حيث إنّه ضدّ الظاهر ، أي من حيث وجهه الّذي لا يجتمع معه أيضا ، صورا في تلك الحضرة ، وهي لما كانت بذواتها طالبة للبطون ، هاربة عن الظهور ، لا يمكن أن توجد في الخارج ، فهي إذن وجودات علمية لازمة لذاته تعالى ، يمتنع اتّصافها بالوجود العيني ، فهي
__________________
(١) ـ سورة الإسراء ، الآية ١١٠.
(٢) ـ الكافي : ١ : ١١٢ ، ح ١ ؛ وكتاب التوحيد : ١٩٠ ، ح ٣ ، مع اختلاف يسير بينهما.