تظهر من الغيب إلى الشهادة ظهورا غير منقطع إلى انقراض النشأة الدنياوية ، وفي الآخرة أيضا ، كما جاء في الحديث : «المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنّه في ساعة ، كما يشتهي» (١) ، قال تعالى : (وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ* نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) (٢).
وصل
هذا الطلب وإن كان متوقّفا على الاستعداد ، ولكنّ الاستعداد أيضا من نعمه سبحانه ، ومن هنا قيل في الأدعية المأثورة : «يا مبتدىء النعم قبل استحقاقها» (٣) ، وإعطاؤه سبحانه الاستعداد دعاء منه إلى الطلب ، فالطلب بهذا الاعتبار إجابة لدعوة الحق (أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ) (٤) ، وهو باعتبار آخر سؤال منه سبحانه ، يسأله من في السماوات والأرض.
وهذا السؤال إنّما هو بلسان الحاجة والافتقار ، وعلى وجه الذلّ والاضطرار ، وإنما هو باسم من أسمائه سبحانه ، مناسب لحاجة السائل.
فالفقير ـ مثلا ـ يدعوه بالاسم الغني ، والمريض بالاسم الشافي ، والمظلوم بالاسم المنتقم ، وعلى هذا القياس.
فكلّ ذرّة من ذرّات العالم تدعو الله اضطرارا بلسان حالها ، باسم من
__________________
(١) ـ سنن الترمذي : ٤ : ٩٩ ، ح ٢٦٨٩.
(٢) ـ سورة فصلت ، الآية ٣١ و ٣٢.
(٣) ـ مكارم الأخلاق : ٣٤٣ ، دعاء فيه اسم الله الأكبر. وفي بعض المصادر : «يا مبتدئا بالنعم ...».
(٤) ـ سورة الأحقاف ، الآية ٣١.