وصل
فالموجودات كلها صور تفاصيل الحق ، ولها اعتباران : اعتبار أنها مرايا لوجود الحق وأسمائه وصفاته ، واعتبار أنّ وجود الحق مرآة لها ؛ لأنها قد ظهرت فيه لكونها لوازم أسمائه وصفاته.
فبالاعتبار الأوّل لا يظهر في الخارج إلّا الوجود المتعيّن ، بحسب تلك المرايا ، المتعدّد بتعدّدها ، كما إذا قابلت وجهك بشيء فيه مرايا متعدّدة تظهر صورتك في كلّ منها ، فتتعدّد.
فعلى هذا ليس في الخارج إلّا الوجود ، والماهيات على حالها في العلم معدومة العين ، ما شمّت رائحة الوجود الخارجي ، كما يراه الموحّد الّذي غلبه شهود الحق.
وبالاعتبار الثاني ليس في الوجود إلّا الماهيات ، والأعيان ووجود الحق الّذي هو مرآة لها في الغيب ما تجلّى من وراء تتق (١) العزّة ، وسرادقات الجمال والجلال ، كما يراه من غلبه مشاهدة الخلق.
وأمّا من يشاهد النشأتين فلا يزال يلاحظ المرآتين : مرآة الأعيان ، ومرآة الحق ، والصور الّتي فيها من غير انفكاك وامتياز ، وهذا الظهور منه سبحانه في الكلي ، أو بصورة الكلّ ، ليس من حيث وحدته وذاته ، بل باعتبار الحضرة الأسمائية ، كما قيل : واحد بالذات ، كلّ بالأسماء ، فلا يلزم منه كثرة في ذاته ووجوده أصلا ، فهو الكلّ من غير تغيّر فيه ، ولا يلزم من هذا أن يصدق على كلّ
__________________
(١) ـ هكذا في المخطوطة ، وقد وردت بهذا الشكل في شرح فصوص الحكم للقيصري : ٥٤٩.