منه ، كما ورد في الحديث.
وعن مولانا الصادق عليهالسلام : إنه «أوّل خلق من الروحانيين عن يمين العرش» (١).
ثم إن للعقل وحدة بالذات ، من حيث وجوده المفاض عن الحق سبحانه ، وله كثرة بالعرض ، من جهة ماهيته الّتي لزمته من دون جعل ولا تأثير ، بل لضرورة قصور ذاته عن ذات مفيضه سبحانه.
فبجهة وجوده النوري الّذي هو ذاته المعقولة له ، حيث إنّه مجرّد عن الغواشي ، أفاض الله سبحانه ثانيا ، وبجهة وجوبه به سبحانه ، ومشاهدته إياه وعشقه له ، حيث لا حجاب بينهما ثالثا ، وبجهة ماهيته وإمكانه وفقره رابعا ، بالأشرف الأشرف ، وبالأخس الأخس ، ثمّ ازداد التكثّر في الجهات ، فازدادت الكثرة في الفيض.
فإن قيل : يجوز مثل هذه الاعتبارات أولا في المبدأ ، فليجز صدور الكثرة منه أولا.
قلنا : اعتبارات الذات البسيطة من جميع الوجوه لا تباين فيها ، وليس هناك أمر بالعرض حتّى يصدر منه بسببه الكثرة.
إن قيل : لا بدّ لكم من اعتبار أمور مختلفة في المبدأ ليفيض منه المفاض الوحداني ، فإنّه لا بدّ له من علمه به ، وإرادته له ، وقدرته عليه ، إلى غير ذلك.
قلنا : هذه الاعتبارات ـ أيضا ـ على ترتيب واستلزام ، فإنّ اعتبار الحياة متقدّم على اعتبار العلم ، وهو متقدّم على اعتبار الإرادة ، وهو على اعتبار القدرة ، وهو على اعتبار الكلام ، أعني قول : كن ، فليتدبّر.
__________________
(١) ـ الكافي : ١ : ٢٠ ، ح ١٤.