وصل
توقّف ظهوره سبحانه ـ ذاتا وصفة ـ على فعله تعالى ، لا ينافي غناءه الذاتي ؛ لأنّ فعله وإن كان أمرا ما غير ذاته من وجه ، ولكنه موجود بوجوده ، واجب بوجوبه ، غنيّ بغناه، وهو سبحانه مستقلّ في إفادته ، فهو من حيث استغنائه به سبحانه ، واستناده إليه ، لا يمكن فرض عدمه ، ومن حيث فقره في حدّ نفسه ، لا شيء محض ، لا تتعلّق به إضافة، ولا مظهريّة ، فبالحقيقة ظهوره ذاتا وكمالا إنّما هو بذاته تعالى ؛ لأنّ الغير من حيث هو غير ، ومن حيث اعتباره في نفسه غير موجود ، ومن حيث هو أثر من آثاره ولمعة من أنواره ، مرتبط به ، بل ليس أمرا وراءه ، على ما دريت ، وهو من هذه الحيثية متعلّق لإضافته ، ومظهر لجماله وكماله ، وبهذا الاعتبار هو كالإضافة إليه حاصلان من نفس وجوده ، وفيض جوده ، بلا مدخلية شيء آخر فيه.
وصل
فظهر ـ إذن ـ أن ذاته سبحانه ، من حيث إنّه يفيد وجود الأشياء ، فاعل لها ، ومن حيث إنّ إفادته وجودها لأجل علمه بنظام الخير فيها ، الّذي هو عين ذاته المحبوبة لذاته ، غاية ، وهو من هذه الحيثية الداعية إلى الفعل متقدّم على الأشياء ، وأوّل ، ومن حيث كونه خيرا ، أو فائدة ، تقصده الأشياء وتتشوّق إليه طبعا وإرادة ، على ما سيأتي بيانه، متأخّر عنها ، وآخر ، كما هو شأن الغايات من تقدّمها على الأفعال ، وتأخّرها عنها ، باعتبارين.