مستندة إليه ، فلو كانت لفعله غاية أوّليّة غير ذاته لعاد الكلام إلى الغاية الداعية لصدور تلك الغاية ، حتّى ينتهي إلى غاية تكون عين ذاته ؛ لامتناع التسلسل ، وهو المطلوب.
وأيضا لو كان لفعله سبحانه غاية غير ذاته لكانت تلك الغاية من تمام فاعليته ، فيكون من حيث ذاته ناقصا في فاعليته ، مستكملا فيها بتلك الغاية (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ) (١) ، تعالى عن ذلك ، بل هو تامّ بذاته من جميع الوجوه ، واحد لا كثرة فيه ، ولا شيء قبله ، ولا معه ، كما عرفت ، فإذن ذاته مع وحدته متمّم فاعليته ، فذاته بذاته فاعل ، وغاية للوجود كلّه.
وصل
بلى ، إنه سبحانه أحبّ الظهور في صور الموجودات ، فظهر فيها كما أشار إليه بقوله تعالى : «كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف ، فخلقت الخلق لكي أعرف» (٢).
وظهوره سبحانه في الصور ، وكذلك محبّته لذلك ، ليست زائدة على ذاته ، على ما دريت في سائر صفاته سبحانه ، فإذن الغاية في الإيجاد بمعنى الداعي ليست إلّا ذاته المقدّسة ، معروفة من حيث المحبّة لا غير.
ومن هنا قيل : لو لا العشق ما يوجد سماء ، ولا أرض ، ولا برّ ، ولا بحر.
__________________
(١) ـ سورة الأنعام ، الآية ١٣٣.
(٢) ـ أنظر : رسائل الكركي : ٣ : ١٥٩.