وسيجري ، مكتوب مثبت في النفوس الفلكية ، وأنها عالمة بلوازم حركاتها من الحوادث ، كما يأتي بيانه.
فإذن كلّ ما يوجد في هذا العالم فإنّما يوجد بعناية من الله سبحانه ، وقضاء منه ، وقدر ؛ وذلك لأنّ العناية عبارة عن إحاطة علمه سبحانه بما عليه الوجود ، من الأشياء الكلية والجزئية الواقعة في النظام الكلّي على الوجه الكلي ، المقتضي للخير والكمال المؤدّي لوجود النظام على أفضل ما في الإمكان ، أتم تأدية ، مرضيا بها عنده تعالى (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها) (١) ، (وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) (٢).
والقضاء عبارة عن وجود الصور العقلية لجميع الموجودات بإبداعه سبحانه إياها في العالم العقلي على الوجه الكلي ، بلا زمان ، على ترتيبها الطولي الّذي هو باعتبار سلسلة العلل والمعلولات ، والعرضي الّذي هو باعتبار سلسلة الزمانيات والمعدّات بحسب مقارنة جزئيات الطبيعة المنتشرة الأفراد لأجزاء الزمان ، كما قال عزوجل : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) (٣).
والقدر عبارة عن ثبوت صور جميع الموجودات في العالم النفسي الفلكي ، على الوجه الجزئي ، مطابقة لما في موادّها الخارجية الشخصية ، مستندة إلى أسبابها الجزئية ، واجبة بها ، لازمة لأوقاتها المعيّنة ، كما قال جل وعز : (وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (٤) ، وتشملها العناية شمول القضاء للقدر والقدر لما في
__________________
(١) ـ سورة الأنعام ، الآية ٥٩.
(٢) ـ سورة فصلت ، الآية ٤٧.
(٣) ـ سورة الحجر ، الآية ٢١.
(٤) ـ سورة الحجر ، الآية ٢١.