الخارج ، إلّا أن العناية لا محلّ لها ، بل هو علم بسيط ، قائم بذاته تعالى ، مقدّس عن شائبة كثرة وتفصيل خلاق العلوم التفصيلية ، الّتي هي بعده ، وهي ذوات الأشياء الصادرة عنه ، ولكلّ من القضاء والقدر محلّ ، أمّا القضاء فالعالم العقلي ، وأمّا القدر فالعالم النفسي.
ثم الجواهر العقلية وما معها موجودة في القضاء والقدر مرة واحدة ، باعتبارين ، والجواهر الجسمانية وما معها موجودة فيهما مرتين. هكذا حقّق هذا البحث محقّقو الحكماء(١).
وصل
ثم إن وجود تلك الصور الجزئية في موادّها الخارجية الّتي هي أخيرة مراتب علمه عزوجل ، كلمات الله الّتي لا تنفد ، ولا تبيد مع أعراضها اللازمة والمفارقة ، الّتي هي بمنزلة الحركات البنائية ، والإعرابية ، والمادّة الكلية المشتملة عليها ، هي دفتر للوجود ، والبحر المسجور ، المملوء بالصور ، فلو كان بحر المادّة العنصرية مدادا لكلمات ربنا الوجودية لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربّنا ، ولو جئنا بمثله مددا من أبحر المواد الفلكية ، من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله.
فهذه العوالم كلها ، كلّيها وجزئيها ، كتب إلهية ودفاتر سبحانية ؛ لإحاطتها بكلمات الله التامات ، وانتقاشها بها ، فعالم العقول المقدسة والنفوس الكلية كلاهما كتابان كلّيان.
__________________
(١) ـ أنظر : شرح الإشارات : ٣ : ٣١٧.