(وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) (١).
قال صاحب الفتوحات : من علم الاتساع الإلهي علم أنّه لا يتكرّر شيء في الوجود، وإنما وجود الأمثال في الصور يخيّل أنها أعيان ما مضى ، وهي أمثالها ، لا أعيانها ، ومثل الشيء ما هو عينه (٢).
وقال أيضا ـ بعد كلام طويل في ذلك ـ : فالوجود كله متحرّك على الدوام ، دنيا وآخرة ؛ لأنّ التكوين لا يكون إلّا عن مكوّن ، فمن الله توجّهات دائمة ، وكلمات لا تنفد ، وهو قوله تعالى : (وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) (٣) ، فعند الله التوجّه ، وهو قوله : (إِذا أَرَدْناهُ) ، وكلمة الحضرة ، وهي قوله لكلّ شيء : (كُنْ) (٤) بالمعنى الأوّل الّذي يليق بجلاله ، و «كن» حرف وجودي ، فلا يكون عنه إلّا الوجود ؛ لأنّ العدم لا يكون ، والكون وجود ، وهذه التوجّهات والكلمات هي خزائن الجود لكلّ شيء يقبل الوجود ، قال تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) ، وهو ما ذكرناه (وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ)(٥).
تمثيل :
فمثل إفاضة الوجود من الله سبحانه ، كمثل قطعات الماء في النهر الجاري ، حيث ترى واحدة بالشخص ، وهي متبدلة آنا فآنا ، أو مثل شعل النار في السراج المستحيلة هواء على نعت الاتصال.
__________________
(١) ـ سورة البقرة ، الآية ٢٥.
(٢) ـ الفتوحات المكية : ٢ : ٤٣٢.
(٣) ـ سورة النحل ، الآية ٩٦.
(٤) ـ سورة النحل ، الآية ٤٠.
(٥) ـ أنظر : الفتوحات المكية : ٢ : ٢٨٠ و ٢٨١. والآية في سورة الحجر ، الآية ٢١.