الفناء والعدم إليها (١).
وقال في فصوص الحكم : ما كنت في ثبوتك ظهرت به في وجودك ، فليس للحق إلّا إفاضة الوجود عليك ، والحكم لك عليك ، فلا تحمد إلّا نفسك ، ولا تذمّ إلّا نفسك ، وما يبقى للحق إلّا حمد إفاضة الوجود ؛ لأنّ ذلك له لا لك. انتهى كلامه (٢).
وفي الحديث النبوي : «من وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلّا نفسه» (٣).
وفي حديث أمير المؤمنين عليهالسلام : «ولا يحمد حامد إلّا ربه ، ولا يلم لائم إلّا نفسه»(٤).
وقد تبين ممّا ذكرنا أن لا وجه لإسناد الظلم والقبائح إليه تعالى ؛ لأنّ هذا الترتيب والتمييز من وقوع فريق في طريق اللطف ، وآخر في طريق القهر ، من ضروريات الوجود والإيجاد ، ومن مقتضيات الحكمة والعدالة.
ومن هنا قال بعض العلماء : ليت شعري لم لا ينسب الظلم إلى الملك المجازي ، حيث يجعل بعض من تحت تصرفه وزيرا قريبا ، وبعضهم كناسا بعيدا ؛ لأنّ كلا منهما من ضرورات مملكته ، وينسب الظلم إليه تعالى في تخصيص كلّ من عبيده بما خصّص ، مع أن كلا منهما ضروري في مقامه؟
__________________
(١) ـ أنظر : شرح فصوص الحكم ، للقيصري : ٥٨٩.
(٢) ـ أنظر : فصوص الحكم : ٨٤.
(٣) ـ الحكايات : ٨٥.
(٤) ـ نهج البلاغة : ٥٨ ، في خطبة يقسم الناس فيها إلى ثلاثة أصناف.