الملتوية ، والّتي تحمل في طياتها الغش والخداع ، فالعالم يجد نفسه أمام صراع فكري دائم.
ولهذا نجد بعض العبارات الّتي وردت لبيان مثل هذه الحقيقة ، حيث جاء في بعض الأخبار : «وإذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء إلى يوم القيامة» (١) ، فإنّ كلّ عالم له من الميزات الّتي لا يحملها غيره ، فكلّ إنسان له طريقة خاصة في التفكير ، وكل شخص له منهجه الخاص في الاكتراع من منهل الفكر العلمي ، وكل عالم له مبدأ يحاول أن يدافع عنه في كلّ المجالات الّتي يستطيع من خلالها أن يثبت وجوده في معترك الساحة الفكرية من خلال كبح جماح الهزات الّتي تتعرّض لها الإنسانية جمعاء.
فهذه العبارة الّتي ذاع صيتها في البلدان وعلى مرّ الأزمان ، وتناقلتها الألسن في الأوطان ، كلّ ذلك للمنزلة الرفيعة الّتي يحتلها العالم ، والمكانة المرموقة الّتي يستحوذ عليها من بين الأقران ، نتيجة لما يحمله بين جوانحه من علوم جمّة ، وأفكار تنير الدرب للسائر في طريق طلب الحقيقة ، والناشد للضالّة الفكرية.
فالعالم قد أجهد نفسه وأتعب بدنه ، وأرهق فكره ، في سبيل غاية منشودة يطلبها في نفسه ، لا لأجل نفسه والعياذ بالله ، بل لأجل الطموح الكامن بين جوانحه ، لأجل إيصال ما يجنيه من جهوده إلى الاخرين ، فهو يبذل نفسه في سبيل إنارة الدرب لغيره ، ولعله للإيثار العظيم الّذي طبعت نفوس علمائنا الأعلام عليه ، والتضحية النبيلة الّتي جعلت منهم منارا للأمم ، الّتي جنحت بها التيارات العاصفة في أن تبتعد عن ساحل الأمان ، وتتجه على عكس ما تريد ،
__________________
(١) ـ المحاسن : ١ : ٢٣٣ ، ح ١٨٥.