مضت في سواد الشعر أولى بطالتي |
|
فدعني يصاحب وخط شيبي أخيرها |
المناقل المراحل ، ووجدت الآمدي يفسر البيت الأول من هذه القطعة فيقول : أراد أن الأيام زادتني شيئا من غبطة العيش اجتمعت مع الليالي على انتقاصه وارتجاعه.
وغير هذا التأويل الذي ذكره أولى منه ، وهو أن يكون المراد أن الأيام إذا زادتني غبطة في العيش نقصني ذلك مرورها ، ويريد بقوله (نقص الليالي) كما تنقص الأيام من الليالي ، لأن الأيام تأخذ الليالي وتنقصها. وهذا التأويل أشبه بالصواب من تأويله.
فإن قيل : كما تأخذ الأيام من الليالي كذلك الليالي تأخذ من الأيام وتنقصها.
قلنا : هذا صحيح ، ولو قال قائل في غير هذا الموضع في من نقص وثلم إنه منقوص النقص في هذا نقص الليالي من الأيام لجاز ، وإنما أضاف النقص في هذا الموضع إلى مرور الأيام ، لأنه أضاف الزيادة إليها وشبه نقصها له بنقصها لليالي.
* * *
وله أيضا :
كلف يكفكف عبرة مهراقة |
|
أسفا على عهد الشباب وما انقضى |
عدد تكامل للذهاب مجيئه |
|
وإذا مجئ الشيب حان فقد مضى |
خفض عليك من الهموم فإنما |
|
يحظى براحة دهره من خفضا |
قال الآمدي في قوله (وما انقضى) إنه أراد وانقضائه ، لأن ما والفعل بمنزلة المصدر، مثل قولك (سرني ما عمل زيد) أي سرني عمله.
ثم قال : ويجوز أن يكون أراد بقوله (وما انقضى) أي لم ينقض بعد.