وهذه الأبيات أيضا فيها أدنى تكلف ، وإن كانت جيدة المعاني وثيقة المباني.
* * *
وله أيضا :
تقضي الصبي أن لا ملام لراحل |
|
وأغنى المشيب عن كلام العواذل |
وتأبى صروف الدهر سودا شخوصها |
|
على البيض أن يحظين منه بطائل |
تحاولن عندي صبوة وأخالني |
|
على شغل مما يحاولن شاغل |
رمي رزايا صائبات كأنني |
|
لما اشتكى منها رمي جنادل |
وهذه الأبيات لها ما شاءت من جزالة وفصاحة وملاحة.
* * *
وله أيضا :
في الشيب زجر له لو كان ينزجر |
|
وبالغ منه لولا أنه حجر |
أبيض ما أسود من فوديه وارتجعت |
|
جلية الصبح ما قد أغفل السحر |
وللفتى مهلة في العيش واسعة |
|
ما لم يمت في نواحي رأسه الشعر |
قال الآمدي : قوله (ارتجعت جلية الصبح ما قد أغفل السحر) قريب من قوله :
تزيدني الأيام مغبوط عيشة |
|
فنيقصني نقص الليالي مرورها |
ونقول : إن الأمر بخلاف ما ظنه ، ولا نسبة بين الموضعين ، لأن أحد البيتين تضمن أن الذي يزيده هو الذي ينقصه ، والبيت الآخر تضمن أن الصبح ارتجع بوضوحه وجليته ما أغفله السحر وتركه من السواد الرقيق اليسير ، فالمرتجع غير المعطى هاهنا.