إن أصفحت عنه الخدود فطالما |
|
عطفت له بلواحظ ونواظر |
ولقد يكون وما له من عاذل |
|
فاليوم عاد وما له من عاذر |
كان السواد سواد عين حبيبه |
|
فغدا البياض بياض طرف الناظر |
لو لم يكن في الشيب إلا أنه |
|
عذر الملول وحجة للغادر |
أما قوله " واعقر مراحك للطروق الزائر " فمن مليح اللفظ ورشيقه ، لأن الضيف الزائر إنما يعقر له الأنعام والشيب إذا زار فإنما يعقر له الطراب والمراح والأرن والنشاط.
وأما البيت الثالث من هذه الأبيات الذي أوله " لكن شيب الرأس إن يك طالعا " الثاني الذي أوله " إن أصفحت عنه الخدود " فمعناها يكثر ويتكرر في الشعر ، لأن الطريق المسلوك في ذم الشيب هو من حيث ينفر النساء منه ويعرضن عنه ويقطعن حبل وصل صاحبه ، وفي هذا من الشعر ما لا يحصى ، والعبارات عنه مختلفة في اختصار وإطالة وضعف وجزالة وطبع وتكلف ، ويمضي فيما أخرجته من شعري هذا المعنى كثيرا بألفاظ مختلفة ومواقع متباينة ، وأنت ترى ذلك إذا انتهينا إليه.
وقد أحسن صخر بن حنباء التميمي في قوله :
فإن أك بدلت البياض وأنكرت |
|
معالمه مني العيون اللوامح |
فقد يستجد المرء حالا بحالة |
|
وقد يستشن الجفن والنصل جارح |
وما شان عرضي من فراق علمته |
|
ولا أثرت في الخطوب الفوادح |
ولجرير :
بان الشباب وقال الغانيات لقد |
|
ولى الشباب وأودى عصرك الخالي |
قد كن يفزعن من صرمي ومقليتي |
|
فاليوم يهزأن من وصلي وإدلالي |