والشيب إن فكرت فيه مورد |
|
لا بد يورده الفتى إن عمرا |
يبيض بعد سواده الشعر الذي |
|
إن لم يزره الشيب واراه الثرى |
زمن الشبيبة لا عدتك تحية |
|
وسقاك منهمر الحيا ما استغزرا |
فلطالما أضحى ردائي ساحبا |
|
في ظلك الوافي وعودي اخضرا |
أيام يرمقني الغزال إذا رنا |
|
شغفا ويطرقني الخيال إذا سرى |
معنى " بلغ الشباب مدى الكمال فنورا " إنه تكامل وانتهى إلى غايته ، والزرع إذا تكامل وبلغ غايته نور.
وفي هذا الموضع زيادة على ما يمضي كثيرا في الشعر من تشبيه الشيب بالنور ، لأن ذاك إنما يفيد تشبيهه به في لونه ، وهذا البيت الذي يختص به يريد مع أنه يشبهه في النور إن معنى الشيب مع النور في الظهور والطلوع عند بلوغ الغاية ، وإنما أردت تسلية من جزعت من شيبي من النساء بأن الشيب لا بد منه عند الانتهاء إلى غايته كما لا بد من النور في هذه الحال.
* * *
ولي من أبيات قد ذكرتها فيما خرجته من شعري مثل هذا بعينه ، وهو :
ورأت بياضا في نواحي لمة |
|
ما كان فيها في الزمان السالف |
مثل الثغام تلاحقت أنواره |
|
عمدا لتأخذه بنان القاطف |
والثغام نور أبيض تشبه العرب به الشيب ، فأما البيتان التاليان للبيت الأول فمعناهما واحد ، لأن من عمر شاب والشعر الأسود رهن يشيب مع البقاء أو بالتراب عند الفناء.
وقد تكررت هذه القسمة في كثير من شعري ، وأنت ترى ذلك في مواضعه ، من جملة ما يشبه ذلك لي :