الصوم بالنية الواقعة في ابتدائه ثم عزم في خلال النهار على أكل أو غيره من المفطرات لا يجب أن يكون مفسدا لصومه ، لأن حكم الصوم مستمر.
وهذه العزيمة لا تضاد بينها وبين استمرار حكم الصوم وان كانت لو وقعت في الابتداء لخرجت عن الانعقاد. وانما كان في هذا المذهب شبهة على الصائم تجديد النية في جميع أيام الصوم وأجزاء الصوم ، وإذا كانت لا خلاف بين الفقهاء وأن تجديد هذه النية غير واجب لم يبق شهرة في أن العزيمة عن الأكل في خلال النهار مع انعقاد الصوم لا يؤثر في فساد الصوم ، إذ لا منافاة بين هذه العزيمة وبين الصوم واستمرار حكمه ، وانما يفسد الصوم بعد ثبوته واستمرار حكمه لما نافاه من أكل أو شرب أو جماع أو غير ذلك مما اختلف الناس فيه.
وعلى هذا الذي قررناه لا يكون من أحرم إحراما صحيحا بنية وحصلت في ابتداء إحرامه عزم في خلال إحرامه على ما ينافي الإحرام من جماع أو غيره مفسدا لإحرامه ، بل حكم إحرامه مستمر لا يفسده الا فعل ما نافى الإحرام دون العزم على ذلك. وهذا لا خلاف فيه.
وكذلك من أحرم بالصلاة ثم عزم على شيء أو التفات أو على شيء من نواقض الصلاة لم يفسدها للعلة التي ذكرناها.
وكيف يكون العزم مفسدا كما يفسده الفعل المعزوم عليه الشرعي ، وقد علمنا أنه ليس في الشريعة عزم له مثل حكم المعزوم عليه الشرعي البتة.
ألا ترى [أن](١) من عزم على الصلاة لا يجوز أن يكون له حكم (٢) مثل حكم فعل الصلاة الشرعي ، وكذلك من عزم على الوضوء.
__________________
(١) الزيادة منا.
(٢) في الأصل «حظ».