الأكل والشرب.
فإذا قيل : عزيمة الأكل وان لم تناف (١) الصوم فمتى تنافي نية الصوم التي لا بد للصوم منها ولا يكون صوما الا بها ، لأن نية الصوم إذا كانت عند الفقهاء كلهم هي العزيمة على الكف عن هذه المفطرات وعلى ما حددتموه في المصباح هي العزيمة على توطين النفس على الكف إذا صادفت هذه العزيمة نية الصوم التي لا بد للصوم منها أفسدت الصوم.
قلنا : عزيمة الأكل لا شبهة في أنها تنافي عزيمة الكف عنها ، لكنها لا تنافي حكم عزيمة الصوم ونيته وحكم النية نفسها ، لأن النية إذا وقعت في ابتداء الصوم استمر حكمها في باقي اليوم وان لم تكن مقارنة لجميع أجزائه وأثرت فيه بطوله. وعندنا ان هذه النية ـ زيادة على تلك ـ مؤثرة في كون جميع أيام الشهر صوما وان لم تكن مقارنة للجميع.
وقد قلنا كلنا ان استمرار حكم النية في جميع زمان الصوم ثابت وان لم تكن مقارنة لجميع أجزائه ، ولهذا جوزنا وجوز جميع الفقهاء أن يعزب عن النية ولا يجددها ويكون صائما مع النوم والإغماء. ونحن نعلم أن منافاة عزيمة الأكل لعزيمة الكف وكذلك منافاة النوم والإغماء لها.
ألا ترى أنه لا يجوز أن تكون النية عارية عنه في ابتداء الصوم ويكون مع ذلك صائما ، وكذلك لا يجوز أن يكون في ابتداء الدخول في الصوم نائما أو مغمى عليه ، ولم يجب أن ينقطع استمرار حكم النية بتجدد عزوب النية ولا يتجدد نوم أو إغماء مع منافاة ذلك لنية الصوم لو تقدم وقاربها. كذلك لا يجب إذا تقدم منه
__________________
(١) في الأصل «وان لم تتساق».