الانتشار من أمة محمد صلى الله عليه وآله ، فإن رأت عائشة أن تخرج معنا لعل الله يرتق بها فتقا ويشعب بها صدعا. قال : فخرجنا نمشي حتى انتهينا إليها ، فدخل عبد الله بن الزبير في سمرها وجلست على الباب ، فأبلغها ما أرسلا به إليها ، فقالت : سبحان الله ، ما أمرت بالخروج ، وما تحضرني امرأة من أمهات المؤمنين إلا أم سلمة ، فإن خرجت خرجت معها فرجع إليهما فأبلغهما ذلك ، فقالا : أرجع إليها فلتأتها فإنها أثقل عليها منا ، فرجع إليها فبلغها ، فأقبلت حتى دخلت على أم سلمة ، فقالت أم سلمة : مرحبا بعائشة ، والله ما كنت لي بزائرة فما بدا لك؟ قالت : قدم طلحة والزبير فخبرا أن أمير المؤمنين عثمان قتل مظلوما. قال : فصرخت أم سلمة صرخة أسمعت من في الدار ، فقالت : يا عائشة أنت بالأمس تشهدين عليه بالكفر وهو اليوم أمير المؤمنين قتل مظلوما ، فما تريدين؟ قالت : تخرجين معي فلعل الله أن يصلح بخروجنا أمر أمة محمد صلى الله عليه وآله. فقالت : يا عائشة أخرج وقد سمعت من رسول الله ما سمعت ، نشدتك بالله يا عائشة الذي يعلم صدقك أن صدقت ، أتذكرين يومك من رسول الله فصنعت حريرة في بيتي فأتيته بها وهو عليه السلام يقول : والله لا تذهب الليالي والأيام حتى تتنابح كلاب ماء بالعراق يقال له الحوأب امرأة من نسائي في فتية باغية ، فسقط الإناء من يدي ، فرفع رأسه إلي فقال : ما بالك يا أم سلمة؟ قلت : يا رسول الله ألا يسقط الإناء من يدي وأنت تقول ما تقول؟ ما يؤمنني أن أكون أنا هي ، فضحكت أنت ، فالتفت إليك فقال صلى الله عليه وآله : ما يضحكك يا حمراء الساقين ، إني لأحسبك هي.
ونشدتك بالله يا عائشة أتذكرين ليلة أسرى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله من مكان كذا وكذا ، وهو بيني وبين علي بن أبي طالب يحدثنا ، فأدخلت جملك فحال بينه وبين علي ، فرفع مرفقة كانت معه فضرب بها وجه جملك وقال : أما والله ما يومك منه بواحد ، ولا بليته منك بواحدة ، أما إنه لا يبغضه إلا منافق أو كذاب.