حلما وأكثرهم علما؟ فقالت عليها السلام : بلى رضيت بما رضي الله لي ورسوله.
وفي هذه المصاهرة أكبر دليل على طهارة باطن أمير المؤمنين عليه السلام ، وإن ظاهره في الخير والفضل كباطنه ، فإن من اختاره الله صهرا لنبيه صلى الله عليه وآله وتخطى إليه الخلق أجمعين ، لا يجوز أن يكون إليه على الصفة التي ذكرناها ، لأن من يعلم الغيوب لا يختار لأن على الباطن دون الظاهر لعلمه بالباطن. وإنما كان اختيارنا مقصورا على الظاهر لأنا لا نعلم الباطن ولا طريق لنا إلى علمه ، ولو علمنا البواطن ما اخترنا لأنا عليها. وفي هذا الذي ذكرنا دليل واضح على عصمة أمير المؤمنين عليه السلام وطهارة باطنه ، وموافقة باطنه لظاهره.
وأما ذكر المسجد فإنما عني به مسجد النبي صلى الله عليه وآله ، فإن الله أحل لأمير المؤمنين عليه السلام ما خصه به وصرفه عمن سواه ، فروت أم سلمة قالت : خرج النبي إلى المسجد فنادى بأعلى صوته ثلاثا : ألا أن هذا المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض أن لرسول الله صلى الله عليه وآله وأزواجه وعلي وفاطمة بنت محمد.
وبرواية أخرى عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله بأعلى صوته : إنه لا يحل لأحد من هذه الأمة أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك. وهذا معنى الاختصاص ، فإن النبي صلى الله عليه وآله أمر بسد جميع أبواب أهله ، ومجانبة النافذة إلى المسجد سوى باب أمير المؤمنين عليه السلام ، فشق هذا التمييز والتخصيص على من كان بابه مفتوحا إلى المسجد. الأخبار بذلك متظاهرة (١).
وقد روي عن علي بن الحسين عن أبيه عليه السلام قال : سألت عليا عليه السلام فقلت : كيف يا أبتاه كان أمرك حيث سد رسول الله صلى الله عليه وآله أبواب المسلمين وترك بابك
__________________
(١) أنظر مسند الإمام أحمد ١ / ٣٣١.