الثاني : إن العلة لو أثرت في المعلول حال كون المعلول حاضرا ، كان ذلك إيجادا للموجود وهو محال ، فوجب أن يقال : العلة متقدمة على المعلول ، حتى يعقل كونها مؤثرة في نقل ذلك المعلول ، من العدم إلى الوجود.
الثالث : إنا إذا رمينا السهم فلا يزال [يكون (١)] كل واحد من المدافعات السابقة علة لاندفاع آخر ، يحصل بعده على الترتيب والولاء ، ولو لا ذلك ، لوجب سقوط السهم عند انفصاله عن اليد.
الرابع : إن الفكر يوجب العلم بالمطلوب ، مع أن الفكر يجب تقدمه على العلم بالنتيجة ، لأن الفكر في الشيء حال حصول العلم به محال.
الخامس : إن الثقيل النازل يكون كل جزء من أجزاء حركته علّة لحصول الجزء الذي يليه إما بأن يكون علة مؤثرة كما هو عند بعض المعتزلة ، أو يكون علة معدة ، كما هو عند الفلاسفة.
السادس : إنا نعلم بالضرورة أن المؤثر ما لم يوجد بتمامه ، استحال أن يصدر عنه الأثر ، وتمام وجود المؤثر متقدم على وجود الأثر ، فالمؤثر التام يجب أن يكون متقدما على الأثر.
السابع : إنه يقال حركت (٢) يدي فتحرك المفتاح ، أو ثم تحرك المفتاح ، وصريح العقل شاهد بحصول هذا الترتيب ، وذلك يدل على أن العلة يجب تقدمها على المعلول.
والجواب عن الشبهة الأولى : وهي قولهم : (٣) «إن هذه المعية ، إما أن تكون معتبرة بالذات أو بالزمان» فنقول : هذا بناء على قولكم : إن المدة من لواحق الحركة والتغير ، وهذا عندنا باطل ، بل نقول : الدليل القاطع على بطلانه : أنا نعلم بالضرورة أن الله تعالى في هذا الوقت موجود ، مع حدوث كل حادث ، وذلك يبطل قولكم.
__________________
(١) من (س).
(٢) شيء (س).
(٣) قوله (س).