النهاية ، فالموجود هناك ليس إلّا آحاد تلك الذوات ، وإلّا كون بعضها متعلقا بالبعض ، أما آحاد الذوات ، فهي بأسرها ممكنة الوجود ، فلو دخلت في الوجود من غير مؤثر يؤثر فيها ، كان هذا قولا بوقوع الممكن (لا) (١) لمؤثر ، وهو محال ، وأما تعلق بعضها بالبعض فهي أحوال اعتبارية عارضة لتلك الذوات ، والعارض للشيء مفتقر إلى المعروض ، ومعروضات هذه الأحوال ليست إلا تلك الآحاد ، وهي بأسرها ممكنة ، فهذه الأحوال الاعتبارية والإضافية مفتقرة إلى أمور هي ممكنة الوجود ، والمفتقر إلى الممكن أولى بالامكان ، فهذه الأحوال الاعتبارية بأسرها ممكنة الوجود ، إذا عرفت هذا فنقول : إن تلك الآحاد بأسرها ممكنة الوجود لذواتها ، واستناد بعضها إلى بعض أحوال اعتبارية عارضة لتلك الآحاد ، وهي بأسرها أيضا ممكنة (الوجود) (٢) فجملة هذه الموجودات ممكنة الوجود في ذواتها ، وممكنة الوجود في جميع اعتباراتها ، والممكن لا بدّ له من مؤثر (يؤثر فيه ، ويجب كون ذلك المؤثر مغايرا لها ، على ما ثبت أن كل ممكن فلا بد له من مؤثر) (٣) فيثبت أن جملة هذه الممكنات مفتقرة إلى مؤثر (مغاير لها ، والمغاير لكل الممكنات لا يكون ممكنا ، فثبت افتقار جملة الممكنات إلى) (٤) موجود يؤثر فيها ويكون (٥) ذلك مغايرا لمجموعها ، ولكل واحد من آحادها ، وذلك هو الموجود الواجب لذاته ، وهو المطلوب.
البرهان الرابع : إنا إذا اعتبرنا هذا المعلول الآخر (ثم اعتبرنا علته) (٦) ثم اعتبرنا علة علته إلى ما لا نهاية له ، فهذه جملة. فإذا حذفنا من هذا الجانب المتناهي عشر مراتب ، واعتبرناها بعد حذف هذه العشرة عنها ، كانت جملة أخرى. ثم طبقنا في الوهم كل واحد من آحاد إحدى الجملتين ، على واحدة
__________________
(١) الممكن المؤثر (ز).
(٢) من (س).
(٣) من (ز).
(٤) من (ز).
(٥) من (س).
(٦) من (ز).