أحدها : أن الشيء في الزمان الأول من أزمنة وجوده ، واجب الاتصاف بكونه حادثا (١) ، وممتنع الاتصاف بكونه باقيا (٢) (وفي الزمان الثاني من أزمنة وجوده ينقلب الأمر فيصير واجب الاتصاف بكونه حادثا) (٣) ومعلوم أن التفاوت بين الشيء الواجب بحسب حصوله في زمانين مختلفين ، أقل من التفاوت الحاصل بين الشيئين المتغايرين ، فإذا كان التفاوت القليل الحاصل في الشيء الواحد بسبب حصوله في وقتين ، قد يصير مانعا من الاستواء في كل الأحكام. فهذا التفاوت الكبير ، أولى بكونه مانعا من وجوب الاستواء في كل الأحكام.
وثانيها : إنكم قد دللتم على أن مسمى الوجود في حق واجب الوجود لذاته ، وفي حق ممكن الوجود لذاته ، مفهوم واحد. أعني من حيث أنه مسمى الوجود (ثم إن وجود) (٤) واجب الوجود لذاته ، ممتنع الحصول في ذوات الممكنات ، ووجود الممكنات ممتنع الحصول في ذات واجب الوجود لذاته (فهذان الوجودان متساويان في تمام الماهية ، مع أنهما مختلفان في بعض اللوازم ، وهو الذي ذكرناه) (٥).
وثالثها : إن الذوات ، والماهيات ، والحقائق متساوية في كونها ذوات (٦) في حقائق وماهيات. ثم إن كل واحد منها اختص بالصفة التي باعتبارها امتاز عن سائر الحقائق والماهيات اختصاصا على سبيل اللزوم.
ورابعها : الحيوانية التي في الإنسان مساوية للحيوانية التي في الفرس من حيث إنها حيوانية ، فلو كان ما ذكرتموه صحيحا ، فحينئذ يلزمكم صحة أن تبقى حيوانية الفرس بعينها مع زوال الفرسية عنها وتبدلها بالإنسانية ، وكذلك
__________________
(١) باقيا (س).
(٢) حادثا (س).
(٣) من (ز).
(٤) من (س).
(٥) من (ز).
(٦) ذواتا وحقائق (س).