الدرجات بحسب الكمال (١) والنقصان ، ولكنهم بأسرهم مشتركون في كونهم بأسرهم أكمل من جنس الإنس ومعشر البشر في الصفات الثلاث المذكورة ، أعني الاستغناء والعلم والقدرة، فإن الأرواح البشرية [بالنسبة إلى تلك الأرواح كالقطرة بالنسبة إلى البحر ، والشعلة بالنسبة إلى الشمس ، وكما أن الأرواح البشرية] (٢) وإن كانت كثيرة جدا إلا أنه لا بدّ ، وأن يوجد فيهم شخص واحد كالرئيس المطلق لهم في الكمالات الروحانية ، بحيث يكونون محتاجين إليه في الاستكمال ، ويكون هو غنيا عنهم. وكذلك الموجودات الروحانية ، وإن اختلفت درجاتهم وتفاوتت مراتبهم فإنه لا بدّ وأن الموجودات الروحانية ، وإن اختلفت درجاتهم وتفاوتت مراتبهم فإنه لا بد وأن يوجد فيهم موجود هو أكمل من كل الروحانيات في صفة الاستغناء ، والعلم ، والقدرة. ومتى كان الأمر كذلك ، فإنه يكون هو غنيا عن كل الروحانيات ، وكلهم يكونون محتاجين إليه. فقد ثبت أن الجسمانيات محتاجة إلى الروحانيات ، وثبت أن جميع الروحانيات محتاجة إلى ذلك الواحد في جميع الكمالات ، وأنه غنى عنهم في جميع الكمالات ، وعند هذا يظهر أن ذلك الواحد يكون مستوليا على جميع الروحانيات، وعلى جميع الجسمانيات ، وكل من سواه يكون محتاجا إليه في وجوده ، وفي جميع كمالات وجوده. أما هو فإنه يكون غنيا عن كل ما سواه في وجوده ، وفي كل كمالات وجوده. وذلك الموجود هو الله تعالى.
ثم هاهنا يظهر دقيقة شريفة ، وهي أن جميع الأرواح البشرية بالنسبة إلى روح الشخص الذي هو قطب العالم ، كالقطرة بالنسبة إلى البحر ، وكالشعلة بالنسبة إلى الشمس. ثم ثبت أن أرواح جميع الأقطاب والأولياء والأنبياء بالنسبة إلى الأرواح الملكية القدسية ، كالذرات والهباءات. ثم إن الأرواح الملكية لا تزال متزايدة في الكمال والرفعة والجلال ، حتى تنتهي إلى الأرواح العالية المقدسة.
ثم إن جميع تلك الروحانيات بالنسبة إلى جلال الله ، كالعدم فإنا بينا
__________________
(١) الكمالات والنقصانات (س).
(٢) من (ز).