الموجودات وأشرف وأكمل [وبالله التوفيق] (١).
__________________
(١) من (ز).
ونقول هنا :
يتفق المسلمون وأهل الكتاب على أن للعالم إلها حكيما قادرا يعلم ما في السموات وما في الأرض وهو الذي وحده خلق العالم والناس. ويحيي الناس ويميتهم. وهذا الإله ليس كمثله شيء ، ولا يقدر أحد أن يراه من هيبته وجلاله.
١ ـ ففي التوراة يقول الله تعالى في الوصايا العشر : «أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر ، من بيت العبودية ، لا يكن لك آلهة أخرى أمامي» [خروج ٢٠ : ٢ ـ ٣] وفي سفر التثنية : «اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد. فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل قوتك» [تثنية ٦ : ٤ ـ ٥].
٢ ـ وفي الإنجيل يصرح عيسى ـ عليهالسلام ـ بأنه غير ناسخ للتوراة في قوله : «لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس» [متى ٥ : ١٧.] وبناء على عدم نسخه للتوراة تكون الوحدانية المنصوص عليها في التوراة ملزمة لأتباعه الزاما تاما.
ويوضح أن عيسى ـ عليهالسلام ـ ملتزم بالإله الواحد : هذا النص الذي نذكره من إنجيل مرقس وهو : «فجاء واحد من الكتبة ، وسمعهم يتحاورون. فلما رأى أنه أجابهم حسنا سأله : أية وصية هي أول الكل؟ فأجابه يسوع : إن أول كل الوصايا هي : اسمع يا إسرائيل : الرب إلهنا رب واحد. وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك. ومن كل فكرك ومن كل قدرتك. هذه هي الوصية الأولى. وثانية مثلها هي تحب قريبك كنفسك. ليس وصية أخرى أعظم من هاتين. فقال له الكاتب : جيدا يا معلم. بالحق قلت. لأنه الله واحد ، وليس آخر سواه» [مرقس ١٢ : ٢٨ ـ ٣٢].
٣ ـ وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى : (قُلْ : هُوَ اللهُ أَحَدٌ. اللهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص].
والقارئ للتوراة وللإنجيل وللقرآن يجد آيات تدل على صفات أعضاء الله عزوجل ، ويجد آيات تدل على صفات معاني الله عزوجل. ويجد آيات تدل على أن الله تعالى ليس كمثله شيء. والآيات التي تنفي المماثلة هي تنفي أيضا صفات الأعضاء لله عزوجل.
١ ـ ففي التوراة في قصة موسى ـ عليهالسلام ـ مع السحرة. لما لم يستطيعوا إخراج البعوض من أرض مصر : «قال العرافون لفرعون : هذا إصبع الله» [خروج ٨ : ١٩] أي البعوض قد أشتد أذاه بقدرة الله تعالى. وظاهر نص «إصبع الله» يدل على أن الله جسم ، وهو شبيه بالبشر. «وإصبع الله» صفة عضو. فإن الأصابع أعضاء من الجسم. وفي التوراة صفات المعاني اللائقة بجلال الله تعالى ، فيها صفات : القدرة والإرادة والعلم والسمع والبصر والحياة والقدم والبقاء ، وهكذا سائر الصفات التي تدل على أنه ذات مقدسة عن كل نقص ، ومبرأة من كل عيب ، مثل قوله : «الرب إله رحيم ، ورءوف. بطيء الغضب. وكثير الإحسان والوفاء ، حافظ الإحسان إلى ألوف ، غافر الإثم ـ