__________________
ـ والمعصية والخطية ، ولكنه لن يبرئ إبراء» [خروج ٣٤ : ٦. ٧].
٢ ـ وفي الإنجيل نجد مثل ما في التوراة عن صفات الأعضاء وصفات المعاني. فعن صفات الأعضاء يقول عيسى ـ عليهالسلام ـ : «لا تحلفوا البتة. لا بالسماء لأنها كرسي الله. ولا بالأرض لأنها موطئ قدميه» [متى ٥ : ٣٤ ـ ٣٥] فظاهر النص يدل على أن الله تعالى يجلس على كرسي في السماء ، وأن قدميه على الأرض. والجلوس يستلزم الجسمية والقدمان من صفات الأعضاء. وعن صفات المعاني نجد آيات كثيرة تصف الله تعالى كما وصفته التوراة بالقدرة والإرادة .. الخ ومن ذلك قول عيسى ـ عليهالسلام ـ لله عزوجل أنه أعطاه سلطانا على كل جسد ليعطى حياة أبدية لكل من يريد الله إعطاءه : «وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفونك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته أنا مجدتك على الأرض» [يوحنا ١٧ : ٢ ـ ٤] فاعتراف عيسى ـ عليهالسلام ـ أن الله تعالى قد اعطاه سلطانا يدل على أنه قادر واعترافه بأنه مجد الله وعظمه يدل على أن الله متصف بكل كمال ومنزه عن كل نقص.
٣ ـ وفي القرآن الكريم عن صفات الأعضاء : «يد الله فوق أيديهم» [الفتح ١٠] وعن صفات المعاني : (أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ. فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [النمل ٥١] ففي هذا النص إثبات كامل القدرة وأنه عادل وأنه يعلم ذلك ويشهد على ما حدث منه العالمون بحقائق التاريخ.
والقارئ للتوراة وللإنجيل والقرآن يجد آيات تدل على أن الله تعالى «ليس كمثله شيء» ومعنى أنه «ليس كمثله شيء» أنه ليس جسما. لأن إثبات الجسمية لله تعالى يستلزم الحجم والصورة على حسب التصورات والتخيلات. وإذا تصورنا وتخيلنا على حسب عقولنا سنتصور الله تعالى ونتخيله بما نشاهده في الحياة من مخلوقات خلقها هو. ولأنه تعالى منع من التشبيه إذن لا يكون جسما. وإذا نفينا الجسمية ننفي الأعضاء من اليد والرجل وغيرهما. وكيف ننفي وقد جاء في الكتب آيات يدل ظاهرها على إثبات الأعضاء؟ والإجابة على هذا السؤال :
إن التوراة قد نصت على أنه تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وذلك قوله في الأصحاح الثالث والثلاثين من سفر التثنية : «ليس مثل الله» [تث ٣٣ : ٢٦] وكذلك نص القرآن الكريم في قوله تعالى : «ليس كمثله شيء» [الشورى ١١] والعبارات التي تنفي التشبيه هي آيات محكمة ، أي لها تفسير واحد واضح.
وآيات الأعضاء آيات متشابهة أي لها تفسيرين. فاليد تفسير باليد الجارحة وهي تستلزم الجسمية ـ واليد أيضا تفسر بالقدرة ـ والقدرة صفة معنى ـ فأي التفسيرين يتفق مع الحكم؟ هل اليد الجارحة أم صفة القدرة؟ بالتأكيد هي صفة القدرة. لأن اليد الجارحة تشبه وتمثل بأي مخلوق كان ، والنص النافي للتمثيل يمنع من ذلك. وعلى ذلك فمراد الله تعالى من صفات أعضائه هو التأويل إلى صفات معاني ، فاليد تؤول بالقدرة ، والاستواء بالقهر والغلبة وهكذا.
ولما ذا عبر الله تعالى بصفات الأعضاء عن نفسه وهو لا يريدها؟ وهذا سؤال قد أجاب عنه ـ