إذا عرفت هذا ، فنقول : إنه إذا انتفى (١) الشاغلان معا ، أو أحدهما ، فإنه يحصل ذلك التلويح ، وذلك التشبيح. أما في وقت النوم فقد زال أحد الشاغلين ، وهو الحس الظاهر ، فلا ينتقل من الحواس الظاهرة إلى الحس المشترك شيء من الصور ، فيبقى لوح الحس المشترك خاليا عن النقوش الخارجية ، فيستعد لقبول الصور التي تركبها المتخيلة [فتنحدر تلك الصور من المتخيلة (٢)] إلى لوح الحس المشترك. فتصير محسوسة. وأما في وقت المرض ، فإن النفس تصير مشغولة بتدبير البدن ، فلا تتفرغ لمنع القوة المتخيلة من تركيب تلك الصور ، فحينئذ تقوى المتخيلة على عملها. وإذا قويت على هذا العمل ، عصت الحس المشترك عن قبول الصور [الخارجية ، فوردت عليه هذه الصور (٣)] فتصير مشاهدة محسوسة [والصور الهائلة التي تصير مشاهدة (٤)] في حالة الخوف. هي من هذا الباب. فإن الخوف المستولي على النفس يصدها عن تأديب المتخيلة (٥) فلا جرم تقدر المتخيلة على رسم صورها (٦) في الحس المشترك كصورة الغول وغيرها. وكذلك قد تستولي على النفس الضعيفة العقل : قوى أخرى كشهوة شيء فتشتد تلك الشهوة ، حتى تغلب العقل. فالمتخيلة تركب صورة ذلك المشتهى ، فتنطبع تلك الصورة في لوح الحس المشترك ، فتصير محسوسة. إذا عرفت هذا ، فنقول : إنه يتفرع عليه المباحث الكثيرة :
الفرع الأول : في سبب المنامات الصادقة والكاذبة :
اعلم أن الصور التي تركبها المتخيلة قد تكون كاذبة ، وقد تكون صادقة. أما الكاذبة فوقوعها على ثلاثة أوجه :
الأول : إن الإنسان إذا أحس بشيء ، وبقيت صورة ذلك المحسوس في
__________________
(١) انتهى (ل).
(٢) سقط (ت).
(٣) سقط (ت).
(٤) سقط (ت).
(٥) يصدرها عن المتخيلة (ت).
(٦) على تصورها (ت).