قابلة لتلك الصور ، بل لأجل أن استغراق النفس في تدبير البدن ، صار مانعا لها من ذلك الاتصال العام.
إذا عرفت هذا فنقول : النفس إذا حصل لها أدنى فراغ من تدبير البدن ، اتصلت بطباعها بتلك المبادي ، فتنطبع فيها بعض تلك الصور الحاضرة عند تلك المبادي ، وهي الصورة التي هي أليق بتلك النفس. ومعلوم أن أليق الأحوال بها ، ما يتعلق بأحوال ذلك الإنسان وبأصحابه وأهل بلده وإقليمه. وأما إن كان ذلك الإنسان منجذب الهمة إلى تحصيل علوم المعقولات ، لاحت له منها أشياء. ومن كانت همته مصالح الناس رآها ، ثم إذا انطبعت تلك الصور في جوهر النفس الناطقة أخذت المتخيلة التي من طباعها محاكاة الأمور ، في حكاية تلك الصور المنطبعة في النفس ، بصور جزئية تناسبها ، ثم إن تلك الصور تنطبع في الحس المشترك فتصير مشاهدة. فهذا هو سبب الرؤيا في المنام. ثم إن تلك الصور التي ركبتها القوة المتخيلة ، لأجل تلك المعاني قد تكون شديدة المناسبة لتلك المعاني ، فتكون هذه الرؤيا غنية عن التعبير [وقد (١) لا تكون كذلك ، إلا أنها أيضا مناسبة لتلك المعاني من بعض الوجوه ، وهاهنا تحتاج هذه المنامات إلى التعبير. وفائدة التعبير : التحليل بالعكس ، يعني : أن يرجع المعبر عن هذه الصور الحاضرة في الخيال إلى تلك المعاني [وأما القسم الثالث أن لا تكون هذه الصور مناسبة لتلك المعاني (٢)] البتة. وذلك يكون لأحد وجهين :
أحدهما : أن يكون حدوث هذا الخيال الغريب ، إنما كان لوجه من الوجوه. الثلاثة المذكورة في أسباب أضغاث الأحلام.
والثاني : أن يكون ذلك الأجل أن القوة المتخيلة ركبت لأجل [ذلك
__________________
(١) فتكون هذه الرؤية غنية : آخر نسخة (ت) في هذا الفصل. أن القرآن العظيم يدل على أن هذا الطريق هو الأكمل والأفضل في إثبات النبوة : تجد التكملة التي في (ت) وهي ليست في محلها. والصحيح ما في (ط) ، (ل) أي أنه من أول «وقد لا تكون كذلك» في (ت) في فصل تقرير طريقة الفلاسفة.
(٢) سقط (ت).