على سبيل الإجمال : أن الثوابت أقوى وأكمل من السيارات.
والوجه الثالث في بيان أن الثوابت أقوى من السيارات : هو أنها أكمل من السيارات في أمور ثلاثة :
أولها : أنها أقرب في درجة المعلولية ، والعبودية إلى المبدأ الأول من هذه السيارات ، وذلك القرب هو المنبع لكل الكمالات.
وثانيها : أنها كثيرة في العدد جدا ، والكثرة مظنة القوة ، وأيضا : فالثوابت التي في العظم الأول [أكبر (١)] قدرا من كل السيارات إلا الشمس. والعظم في الجرمية ، يفيد العظم في القوة.
وثالثها : أنها أبطأ حركة. فيكون بقاؤها في الدرجة الواحدة أدوم. وقد علمت في الطبيعيات : أن دوام المسامتة ، يوجب كمال القوة. فثبت بهذه البيانات : أن الكواكب الثابتة أقوى قوة ، وأكمل تأثيرا من السيارات. وأيضا : الأحكاميون اتفقوا على أنه إذا وقع منها على موضع معين من الطوالع ، أعطت عطايا قوية إما في السعادة ، أو في النحوسة. وإذا ثبت هذا فنقول : إن الأحكاميين اتفقوا على أنهم لم يعرفوا من طبائعها إلا القليل. وإذا كان الأمر كذلك ، فقد ظهر الخبط والصعوبة في هذا العلم ، بسبب الجهل.
وأما السيارات : فنقول : هب أن طبائعها صارت معلومة ، إلا أنه بقيت الصعوبة من وجوه :
الأول : إن امتزاجات الكواكب ، ومناسباتها بحسب كل : حد ، ووجه ، ومثله ومنزل من منازل القمر ، ودرجة معينة من الدرجات الثلاثمائة وستين. تصير غير متناهية ، وما لا ينتهي لا يمكن معرفته؟
والثاني : هب أن مواضع الكواكب وامتزاجاتها صارت معلومة ، إلا أن أحكام طوالع الوقت قد تندفع بحسب الطوالع الأصلية ، وبحسب الأحوال
__________________
(١) زيادة.